للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فرقةٍ بالترجيح أو التجريح على بصيرةٍ، وقابَل كلَّ قولٍ بالقبول أو الردِّ على حقيقة.

ومن أحسن مؤلفات المعتزلة: «المجتبى»، ومن أحسن مؤلفات متأخِّري الأشعرية: «المواقف العضُدية» وشرحها للشريف، و «المقاصد السعدية» وشرحها له.

وإياكَ أن يَثنِيَك عن الاشتغال بِهذا الفنِّ ما تسمعُه من كلماتِ بعض أهل العلم في التنفير عنه والتزهيدِ فيه والتقليل لفائدته؛ فإنك إن عمِلتَ على ذلك، وقبلتَ ما يُقال في الفن قبل معرفته، كنتَ مقلِّدًا فيما لا تدري ما هو؛ وذلك لا يليق بما تطلبُه من المرتبة العلية، والكونِ في الطبقة الأوَّلية؛ بل اعرفه حقَّ معرفته، وأنت بعد ذلك مفوَّضٌ فيما تقولُه مِنْ مدحٍ أو قدْح؛ فإنه لا يقال لك حينئذٍ: أنت تمدح ما لا تعرفه، أو تقدح فيما لا تدري ما هو.

على أنه يتعلقُ بذلك فائدةٌ وزيادةُ بصيرةٍ في علوم أخرى، كعلم التفسير، وعلم تفسير الحديث؛ فإنك إذا بلغت إلى ذلك علمتَ ما في العلم بِهذا الفنِّ من الفائدة، لا سيما عند قراءة «كشَّاف» الزمخشرى (١) ومن سلك مسلكه؛ فإن في مباحثهم من التدقيقاتِ الراجعةِ إلى «علم الكلام» ما لا يفهمُها حقَّ


(١) «كشاف» الزمخشري مليء بالاعتزال والضلال، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية : «أما الزمخشري؛ فتفسيرُه محشوٌّ بالبدعة، وعلى طريقة المعتزلة من إنكار الصفاتِ والرؤية، والقول بخلق القرآن، وأنكر أن اللَّهَ مريدٌ للكائنات، وخالقٌ لأفعال العباد … وغير ذلك من أصول المعتزلة … ». ثم أخذ يتحدث عن أصولِهم الخمسة. انظر: «مجموع الفتاوى» (١٣/ ٣٨٦).

<<  <   >  >>