وقلوبُهم قاتِمة، وعقولُهم معتِمة! كيف لا؛ والعلمُ هو النورُ والضياءُ والهدى والبهاء؛ مَنْ خالف طريقه ضلَّ، ومن أهمله واتبع هواه فسَيْرُه مُختَل.
وبالرغم من المنزلةِ الساميةِ للعلم وأهلِه، والتي تحفِّزُ أصحاب الهِمَم العليَّة والنفوسِ الزكيةِ للسعي في طلبه ونشره؛ إلَّا أن الحكيم الخبير ﷻ قضى في هذه الحياة أن تعترضَ طريقَ العلم آفاتٌ مُهلكات، وهذه الآفات قسمان:
١ - منها ما يعودُ أثره غالبًا على الطالب فقط؛ كالكِبر والرياءِ وغير هذا من مُهلكات القلوب.
٢ - ومنها ما يعودُ عليه وعلى كلِّ مَنْ حوله بآثارٍ مقيتة، وعواقبَ مؤلمة، ومِن أشد هذه الآفات:«غيابُ الإنصافِ والتعصُّبُ للآراء والأشخاص».
وبالرغم من فداحة القسم الأول في حياةِ الطالب نسأله تعالى السلامة والعافية؛ إلا أن القسمَ الثاني أثرُه أفدح، وعاقبتُه أسوأ؛ ذلك أن ضررَه يعمُّ ما لا يُحصَوْن من الطلبة الذين يُفترض فيهم أن يكونوا ورثةَ الأنبياء وقادةَ الأمة إلى طريق النور.
ومعلومٌ لدى العقلاء أن القادةَ لو انحرفوا في مسالكِهم، وتخبَّطوا في مناهجهم؛ لتَبِعَ ذلك انحرافٌ كبير وشرٌّ مستطيرٌ لدى عامة الناس؛ فإن سُنة اللَّهِ تعالى جرت بأن التابعين يُهرعون دومًا على آثار المتبوعين، فالذي يراهُ العامةُ من كبرائِهم يظنُّون بلا تردد أنه خيرٌ وهُدًى وصواب، فإن كان خيرًا بالفعل كانت العاقبةُ محمودةً على الجميع، وإن كان العكس فالعاقبةُ ستكون منكرةً على الكافة كما هو واقع الحياةِ وسنَّتُها الدائمة.
ومِن هنا كان لابد لكبراءِ الأمةِ وقادةِ الخير وعلى رأسهم العلماء وطلبة العلم أن يصحِّحوا مسارهم دومًا، ويعدِّلوا من أحوالِهم، ولا يفتُروا في أيِّ