للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مجردُ وجود القَذاةِ فيه ووقوعِ الذباب عليه، هذا على فرضِ أن مجردَ تشريكِ العلم مع غيره له حكمُ هذه المحسوسات، وهيهات ذاك؛ فإنَّ مَنْ أراد أن يَجمعَ في طلبه العلمَ بين قصد الدنيا والآخرة، فقد أراد الشَّطط (١)، وغَلِط أقبحَ الغلط؛ فإنَّ طلبَ العلم من أشرف أنواع العبادة وأجلِّها وأعلاها، وقد قال اللَّه سبحانه: ﴿فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (٢)[الزمر].

فقيَّد الأمرَ بالعبادة بالإخلاص الذي هو رُوحُها.

وصحَّ عن رسول اللَّه حديث: «إنما الأعمالُ بالنيَّات، وإنما لكلِّ امرئٍ ما نوى» (٢)، وهو ثابتٌ في دواوين الإسلام كلِّها، وقد تلقَّته الأمةُ بالقبول وإن كان أَحَاديًّا، أجمع جميعُ أهل الإسلام على ثبوته وصحته.

وقد تقرَّر في علم «البيان» و «الأصول» بأن «إنما» مِنْ صِيَغِ الحصْر، وثبت القولُ بذلك عن الصحابة.

رُوي عن ابن عباس أنه احتجَّ على اختصاص الرِّبا بالنسيئة بحديث: «إنَّما الرِّبا في النَّسيئة» (٣)، ولم يخالِفْه الصحابةُ في فَهمه، وإنما خالَفوه في الحُكم؛ مستدلِّين بأدلةٍ أخرى مصرِّحةٍ بثبوتِ ربا الفضل (٤).


(١) الشطط: البعد عن الحق.
(٢) صحيح: رواه أحمد (١/ ٢٥)، والبخاري (١)، ومسلم (١٩٠٧)، وأبو داود (٢٢١٠)، والترمذي (١٦٤٧)، والنسائي (٧٥)، وابن ماجه (٤٢٢٧).
(٣) صحيح: رواه أحمد (٥/ ٢٠٠)، والبخاري (٢١٧٨)، ومسلم (١٥٩٦)، والنسائي (٤٥٨١)، وابن ماجه (٢٢٥٧) عن ابن عباس أن أسامة بن زيد جميعًا أخبره أن النبي قاله.
(٤) وقد ثبت في هذا أحاديث؛ من أشهرها: حديث عمر بن الخطاب : «الذهب بالذهب [وفي لفظ: الذهبُ بالورِق] ربًا إلا هاءَ وهاءَ، والبُرُّ بالبُرِّ ربًا إلا هاءَ وهاءَ، والشَّعيرُ بالشَّعير ربًا إلا هاءَ وهاء، والتمرُ بالتمر ربًا إلا هاءَ وهاءَ». صحيح: رواه أحمد (١/ ٢٤)، والبخاري (٢١٣٤) و (٢١٧٤)، ومسلم (١٥٨٦)، وأبو داود (٣٣٤٨)، والترمذي (١٢٧٨)، وابن ماجه (٢٢٥٣).
* وانظر: «المغني» (٦/ ٧٩)، و «نيل الأوطار» (١٠/ ١٥٤)، و «المدخل إلى السنن الكبير» للبيهقي (رقم ١).

<<  <   >  >>