للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بحُججه، والتبليغِ لأحكامه، وتذكيرهم بما أَمَر اللَّهُ بالتذكير به، وإرشادِهم إلى ما أرشدَهمُ اللَّهُ إليه، ولأهلِ القضاءِ والإفتاءِ ونحوها من هذه الأمورِ أوفرُ نصيب وأكبرُ حظ.

ولكنِّي أقولُ: إنه ينبغي لطالب العلم أن يطلبَه كما ينبغي، ويتعلَّمه على الوجه الذي يريدُه اللَّهُ منه، معتقدًا أنه أعلى أمورِ الدين والدنيا، راجيًا أن ينفعَ به عبادَ اللَّه بعد الوصول إلى الفائدةِ منه.

ومِن جُملة النفع: إذا احتاج إليه الملوكُ وأهلُ الدنيا أن يَلِيَ منصبًا من المناصب، فطلبوا منه ذلك، وعوَّلوا عليه في الإجابة، معترِفين بحقِّ العلم، مُنقادِينَ إلى ما يوجبُه الشرع، معظِّمين لِمَا أوجب اللَّهُ تعظيمه، وكان قد بَلغ إلى منزلةٍ في العلم تصلحُ لذلك المنصب، وشَهِد له أهلُ العلمِ بكمال التأهيل، وإحرازِ عُدَّته؛ فهذا إذا كان الحالُ هكذا لا يَحِلُّ له أن يمتنعَ من الإجابة، أو يأبى من قبول ذلك؛ فإنه إذا فَعل ذلك كان تاركًا لِما أوجبه اللَّهُ عليه من القيام بحُجتِه ونشرِ أحكامه، وإرشادِه عبادَه إلى معالِمه، ونَهيهِم عن تجاوُز حدوده؛ ولا شك أن ذلك مِنْ أوجب الواجبات على أهل العلم، وأهمِّ المهمات، ولو جاز ذلك (١) لِمَنْ طُلب منه وعُوِّل عليه، لجاز لغيره مِنْ أهلِ العلمِ أن يَصنع كصُنعِه، ويسلكَ مَسلكَه، فتتعطَّلُ معاهدُ الشرع، وتذهب رسومُه، ويتخذُ الناسُ رؤوسًا جُهَّالًا يَقضُون بغير علمٍ فيَضِلون ويُضلون؛ وذلك من علاماتِ القيامة وأشراطِ الساعة؛ كما ورد به الخبر الصحيح (٢).

* * *


(١) أي: ترك المناصب الشرعية بشروطها.
(٢) صحيح: وقد سلف ص (٩٦).

<<  <   >  >>