للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جزيرةٍ من جزائر البحر مقرونًا في السلاسل بجماعةٍ من السُّوقة وأهلِ الحِرَف الدنيئة، وأهلَكه اللَّهُ في تلك الجزيرة، ﴿وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (٤٩)[الكهف].

وكان حدوثُ هذه الحادثةِ عليه ونزولُ هذه الفاقرةِ (١) به بمرأًى ومَسمَعٍ من ذلك الوزير الرافضي؛ الذي ألَّف له تلك الرسالة، استجلابًا لما عنده، وطلبًا للقرب إليه وتودُّدًا له.

ومِن جُملةِ ما وقفتُ عليه من الرسائل المؤلَّفةِ بعنايةِ هذا الوزير: رسالةٌ من بعض مشايخي الذين أخذتُ عنهم بعضَ العلوم الإلهيَّة (٢)، وفيها من الزُّورِ ومَحضِ الكذب ما لا يُظنُّ بمن هو دونه، وما حَمَله على ذلك إلَّا الطمعُ في الوزير، فعاقبه اللَّهُ بقَطعِ ما كان يَجري عليه من الخليفة، وأُصيب بفقرٍ مُدقِعٍ وفاقةٍ شديدة، حتى صار عبرةً من العِبر. وكان يَفِدُ إليَّ يشكو حاله وما هو فيه من الجَهدِ والبلاء، فأَبلُغُ جَهدي في منفعته وما يسُدُّ فاقته.

وهكذا جماعةٌ من المترسِّلين عليَّ، المبالِغين في إنزال الضررِ بي، أرجعهم اللَّهُ إليَّ راغِمين (٣)، وأحوَجَهم لمعونتي مضطرَّين، ولم أعاقِبْ أحدًا منهم بما أسلفه، ولا كافَيتُه (٤) بما قدَّمه.

فانظر صُنعَ اللَّه مع مَنْ عُودي وأُوذي لأجل تمسُّكه بالإنصاف، ووقوفِه عند الحق!.

اللَّهم إني أحَمدُك على جميلِ صُنعك، وجزيلِ فضلك، وجميلِ طَولك (٥)،


(١) الفاقرة: الداهية.
(٢) يقصد علوم العقيدة.
(٣) راغمين: أذلاء.
(٤) كافيته: انتصرت منه.
(٥) الطَّول بفتح الطاء: الإنعام.

<<  <   >  >>