للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نعم العون، وأصبح وأمسى في حفدة حفظته في غاية الصّون، ورأى فيه من الكفاية ما أقرّ عينه، وقضى من الأمل دينه. فلم يكن بأسرع من أن جاءته منيّته، وخابت فيه أمنيّته، فمرض حتى لا يرجونه، وأخذ من مأمنه وغوائل الأيام لم تكن بالمأمونه. وحصل لمولانا السلطان عليه من القلق ما أعدم النوم وأوجد الأرق، وكانت مرضته دوزنطاريّة كبديّة، واقتضى الطبّ أن يعالج بشراب الياقوت الأحمر. / ١٢٠ أ / فمن حذر مولانا السلطان عليه نزع من يده خاتما، وأمرهم بأخذ فصّه، وهو ياقوت بهرمان مسح المعدن. قيل إنّ قيمته عشرة آلاف دينار عينا، فصخن (١) للوقت، ولا والله ما أغنى.

وإذا المنيّة أنشبت أظفارها ... ألفيت كلّ تميمة لا تنفع

ولم يزل مولانا السلطان يفديه، بالمعوّذات يرقيه، ويبدي عليه من الهلع ما لا يستنكف أن يعيده ويبديه. فلمّا فرط فيه ما فرط، وكان له - رحمه الله - نعم الفرط. سكن إلى الصبر والجلد، واحتسب في جنب الله تعالى ما رزئه في هذا الولد.

وما أحقّه بما قيل:

إنّما أجزع ممّا أبقى ... فإذا حلّ فما لي والجزع

وخرج مولانا السلطان من عنده مودّعا، وغدى (٢) لذخيرته عند الله مودعا. ولم يلمّ حتى ولا بذكره جهرا، ولا بفكره إلاّ بالدّعاء له والترحّم سرّا.

/ ١٢٠ ب / والحزن للخود ليس الحزن للرجل

ولم يصل إلى قبره، ولا شبهة في أنّ الله بالصّبر عنه جعل له مخرجا من أمره. ودفن بخطّ مشهد السّيّدة نفيسة. واحتفلت نوّاب مولانا السلطان بإقامة عزائه، وحصّته من البرّ بوافر أجزائه (٣).


(١) في الأصل: «فصحى» بالحاء المهملة، والإثنان غلط. والصواب: «فسخن».
(٢) الصواب: «وغدا».
(٣) توفي الصالح علاء الدين عليّ بن قلاوون يوم الجمعة ٤ شعبان ٦٨٧ هـ‍. أنظر عنه في: المختصر في أخبار البشر ٤/ ٢٢، والمختار من تاريخ ابن الجزري ٣٢٧، وتاريخ ابن الوردي ٢/ ٢٣٤، والبداية والنهاية ١٣/ ٣١٢، وعيون التواريخ ٢١/ ٤٢٨، وتذكرة النبيه ١/ ١١٥، ودرّة الأسلاك ١ / ورقة ٨١، ٨٢، والجوهر الثمين ٢/ ٩٨. والدرّة الزكية ٢٨٢، والتحفة الملوكية ١١٩، ونهاية الأرب ٣١/ ١٥٩، والنجوم الزاهرة ٧/ ٣٢٠، وعقد الجمان (٢) ٣٧٧، ٣٧٨، وتاريخ ابن سباط ١/ ٤٩٠، وتاريخ ابن الفرات ٨/ ٧٠.

<<  <   >  >>