للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الحديث فيه دلالة على أنه كان عادته - صلى الله عليه وسلم - قبول الهدية والمكافأة عليها، لأن قولها: ويثيب عليها. أي يُهدي بدلها، والمراد بالثواب المجازاة، وقد ورد في رواية ابن أبي شيبة (١) بلفظ: ويثيب ما هو خير منها. وقد يستدل بهذا على وجوب المكافأة؛ لأن كون مثل ذلك عادة مستمرة يقضي بلزومه، ويحتمل أن تَعَوُّده - صلى الله عليه وسلم - لذلك إنما هو لما كان عليه من مكارم الأخلاق وسماحة النفس ببذل الإحسان، فلا يدل على الوجوب، وقد ذهب إلى القول بالوجوب الهدوية؛ فقالوا: يجب تعويضها حسب العرف. واستدل بعض المالكية بهذا الحديث على وجوب الثواب على الهدية إذا أطلق (أ) الواهب وكان ممن يطلب مثله الثواب كالفقير للغني، بخلاف ما يهبه الأعلى للأدنى، ووجه الدلالة منه مواظبته - صلى الله عليه وسلم -، ومن حيث التعليل أن الذي أهدى قصد أن يُعْطَى أكثر مما أهدى، فلا أقل من أن يعوض بالمثل، وبه قال الشافعي في القديم، وذهب إليه أيضًا الهدوية فقالوا: الأصل في الأعيان الأعواض. وقال الشافعي في الجديد كالحنفية: الهبة للثواب باطلة لا تنعقد؛ لأنها بيع بثمن مجهول، ولأن موضوع الهبة التبرع، فلو أوجبناه (ب) لكان في معنى المعاوضة، وقد فرق الشرع والعرف بين البيع والهبة؛ فما استحق العوض أطلق عليه لفظ البيع بخلاف الهبة. وقال ابن رشد المالكي (٢): وأما هبة الثواب فأجازها مالك وأبو حنيفة ومنعها الشافعي، وبه قال داود وأبو ثور، وسبب الخلاف هل هو بيع مجهول الثمن أم ليس ببيع مجهول الثمن؟


(أ) زاد في ب: على.
(ب) في فتح الباري ٥/ ٢١٠: أبطلناه.