القول الثاني: الكراهة، وهو قولٌ عند الحنفية، وهو رأيُ المالكية، ورواية عن الإمام أحمد، والحقيقة أن الحنفية يقصدون بالكراهة بيع العِيْنَة لا بيع التَّورُّق، كما سبق بيانه.
القول الثالث: المنع، وهو قَولُ عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه -، وهو رواية عن الإمام أحمد، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، وهو رأيُ بعض المعاصرين كالدكتور سامي السويلم، وحسين حامد حسان، وصالح الحصين.
وجه الاستدلال: أن الآية دلت على إباحة البيوع، حيث إن لفظ (البيع) على بأل التي تفيد العموم، فالآية تدلُّ على إباحة كلِّ بيع، إلا ما دلَّ الدليل على تحريمه، ولا دليلَ على حرمة التَّورُّق، فيبقى على الإباحة التي دلت عليها الآية.
ويمكن أن يناقش الاستدلال بالآية بالتالي:
١ - أن هذه الآية قد يستدلُّ بها أصحابُ الحِيَل المحرمة، فكلُّ حيلة من الحِيَل الربوية يمكن أن يستدلَّ أصحابها على جوازها بهذه الآية؛ لأن الحيلةَ بيعٌ في الظاهر، وهي في الحقيقة تؤولُ إلى الرِّبا، فإنْ صحَّ الاستدلال بالآية على
إحدى هذه الحِيَل، لزم صحة الاستدلال على الجميع، وإن بطل الاستدلالُ بطل في الجميع، ولا يوجد من الفقهاء من يجيزُ جميع الحِيَل بلا استثناء، وهذا يعني أن الاستدلال بالآية على جواز التَّورُّق غير مسلم.
٢ - أن التَّورُّق عبارةٌ عن عقدين، وكون كل عقد مشروع على انفراده، لا يلزم