يعني أن المصرفَ يلتزمُ بالوكالة بالبيع النَّقْديّ لإتمام التَّمويل بالنَّقْد، ولو انفصلت الوكالةُ عن البيع الآجل لانهار البرنامج، ولم يوجد التَّمويل أصلًا. . . فالمصرفُ هو مصدر السُّيُولة في العملية، وبدون السُّيُولة لا فائدة من العملية من أساسها، وهذا هو نفسُ الدور الذي يقومُ به المشتري -الثاني- في بيع العِيْنَة؛ لأنه بشرائه نقدًا يكون قد وفر السُّيُولة للعميل، فمن حيث الواقع لا فَرقَ بين كون المصرف وكيلًا، وكونه مشتريًا؛ لأنَّ التَّمويلَ متحقّق على كل تقدير، والعبرة في العُقُود، والتصرفات للمقاصد والمعاني، لا للألفاظ والمباني" (١).
مما سبق يتَّضحُ أن التَّورُّق المصرفي يكون ممنوعًا عند الحنفية، بناءً على رأيهم في الحِيَل، وبيع العِيْنَة.
ثانيًا: موقف المالكية من التَّورُّق المصرفي:
يتَّضحُ موقفُ المالكية من التَّورُّق المصرفي بالأمور التالية:
١ - عرفنا فيما سبق -في مبحث حكم التَّورُّق الفردي- أن المالكية يمنعون بعضَ صور التَّورُّق الفردي؛ لأنَّ تلك الصور فيها من القرائن ما يدلُّ على فساد نية البائع والمُتَوَرِّق، حيث إنَّ تلك القرائن توحي بأنَّ الهدف، والغاية من عملية التَّورُّق الفردي هو تأمين نقد حاضر مقابل زيادة في الذمة، واتخذت عملية البيع والشراء ستارًا لتحقيق ذلك الهدف، فالمتبايعان لم يدخلا في القَرْض باشتراط الفائدة لِعِلْمِهِما بحرمته، وإنما دخلا في عملية تورق صاحَبَها بعض الأمور والقرائن، التي تدلُّ على أن المقصدَ من عملية التَّورُّق هو إقراض المحتاج (المُتَوَرِّق) عشرة ليردَّها خمسة عشر. ومن تلك القرائن التي تُوحي بفساد نِيَّة المتبايعين في عملية التَّورُّق الفردي:
(١) التَّورُّق المنظم قراءة نقدية -سامي السويلم (٩).