بيعها، والانتفاع بثمنها في تسديد الدَّيْن الذي عليه، فهو أمر جائز إذا ثبتت حاجة المدين لتلك النقود.
وأما الأمر الثاني، وهو تسديدُ المديُونيَّة عن طريق التَّورُق المصرفي، فإن بعضَ الباحثين الذي أجاز هذا الأمر قد خلط بين الأمرين، فحكم بالجواز؛ لأنَّ هذه العملية -أعني: تسديد الدَّيْن عن طريق التَّورُّق المصرفي- سوف تحرِّره من الدَّيْن، وتخلِّصه من المصارفِ التقليدية، والحقيقة أن الغايةَ إذا كانت مشروعة، فإنها لا تبرر الوسيلة، بمعنى أن التخلصَ من ذل الدَّيْن هو غاية مشروعة، ولكن لا يعني هذا جواز الوسيلة، التي ستقودنا إلى هذه الغاية، فإنَّ عمليات التَّورُّق المصرفي يكتنفها العديدُ من الإشكاليات في إجراءاتها، وفي غاياتها، كما سيأتي بيانه.
فمن يرى جواز عملية سداد الدَّيْن عن طريق التَّورُّق المصرفي، فإنَّه حكم باعتبار مشروعية المآل والغاية لهذه العملية، وغضّ الطرف عن إجراءات العملية نفسها، وإذا تأمَلْنا كلامَ القائلين بالجواز -السابق ذكره في بداية المطلب- فإنَّه علل الجواز بأنه يحقّقُ الهدفَ الأساسَ من هذه العملية، وهو التحرر من ربقة الرِّبا، والديون، والدُّخول في المعاملات الإِسلامية.
ولذلك رأيتُ أنه لابدَّ من التفريق بين الأمرين، فتسديدُ المدْيُونيَّة أمر مشروع إذا كان بالطريق المشروع، وأما تسديدُ المديُونيَّة عن طريق التَّورُّق المصرفي، فهذا فيه نظر لما تحمله عمليةُ التَّورُّق المصرفي من الإشكاليات.
[التكييف الفقهي للصورة الثانية]
تسديدُ المديونيات الربوية عن طريق التَّورُّق المصرفي، إذا كان الدَّيْن لنفس البنك الذي يقدمُ التَّورُّق للعميل هو من قبيل [قلب الدَّيْن على المدين] الذي أجمع العلماءُ على تحريمه (١)، وبيان هذا يتَّضح على النحو التالي: أن يكون