روي عن أحمد: كراهة التَّورُّق، ومعلوم أن الكراهة عند المتقدمين تفيد التحريم غالبًا، تورعًا منهم عن إطلاق القول بالتحريم، يقول ابن القيم: "وقد غلط كثير من المتأخرين من أتباع الأئمة على أئمتهم بسبب ذلك، حيث تورع الأئمة عن إطلاق لفظ التحريم، وأطلقوا لفظ الكراهة، فنفى المتأخرون التحريم عما أطلق عليه الأئمة الكراهة، ثم سهل عليهم لفظ الكراهة. . . فحمله بعضهم على التنزيه، وتجاوز به آخرون إلى كراهة ترك الأولى، فحصل بسببه غلط عظيم على الشريعة، وعلى الأئمة" إعلام الموقعين (١/ ٣٩). وبهذا يزول الاختلاف بين روايتي الكراهة والتحريم، إذ المراد بالكراهة عند الإمام أحمد هو التحريم، فيبقى وجه الجمع بين روايتي التحريم والجواز، وبيان هذا كالتالي: نصَّ الإمام أحمد في رواية على تحريم التَّورُّق، ومعلوم من أصول مذهب أحمد أنه يمنع الحِيَل كلها كما قال ابن قدامة: "قد ثبت من مذهب أحمد أن الحِيَل كلها باطلة" المغني (٤/ ٧٤).