للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المصرفي أولى بالتَّحريم عندهما من التَّورُّق الفردي، إذ عملية التَّورُّق المصرفي كثيرة الأطراف، والعُقُود، والاتفاقيات، ولا قَبْضَ للسِّلعة فيها، فتكون أشدَّ تحريمًا عندهما من التَّورُّق الفردي.

خامسًا: موقف الظاهرية من التَّورُّق المصرفي:

عرفنا فيما سبق -في موقف الظاهرية من بيع العِيْنَة- أن الظاهرية يرون جوازَ بيع العِيْنَة إذا لم يكنْ عن شرط في العقد"، ولكن التَّورُّق المصرفي لا يدخلُ في بيع العِيْنَة الذي أجازه ابن حزم؛ لأنَّ ابنَ حرّم يجيزُ بيع العِيْنَة الذي لا شَرطَ فيه"، وفي التَّورُّق المصرفي أكثر من شرط: فيه شرط شراء المستَّورُّق السِّلعة من المصرف بأكثر من ثمنها، الذي يشتريها المصرف به، وفيه شرط بيعها بأقل من الثمن الذي اشتراها المستَّورُّق به، وفيه شرط توكيل المستَّورُّق المصرف في بيعها (١)، وشرطٌ واحدٌ من هذه الشروط يكفي لجعل التَّورُّق المصرفي حرامًا مفسوخًا عند ابن حزم" (٢).

* * *

المطلب الثاني موقف العلماء المعاصرين والمختصين الاقتصاديين من التَّورُّق المصرفي

لا تخفى أهميةُ موضوع التَّورُّق المصرفي في عَصرِنا الحاضر، فمعظمُ


(١) الحقيقة أن الآليات العملية للتَّورُّق المصرفي تنصُّ على أن التوكيل ليس شرطًا في العملية، فالعميل يخير بين أن يوكل المصرف أو لا يوكله، ولعل الباحث ذكر الاشتراط بناءً على العرف، فالمعروف أن العميل يقوم بتوكيل المصرف في بيع السِّلعة، والمعروف عرفًا كالمشروط شرطًا، فصار التوكيل بدلالة العرف كأنه مشروط في العقد؛ لأنه لولا التوكيل لما دخل العميل في عملية التَّورُّق المصرفي.
(٢) حكم التَّورُّق كما تجريه المصارف في الوقت الحاضر. الصديق محمَّد الأمين الضرير (٢٢).

<<  <   >  >>