للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعامَلَةَ تَقومُ على تَنْظيمٍ بينَ أَطْرافٍ عِدَّة، يَكونُ العَميلُ والمصْرفُ أَساسِيَّيْن في هذه المعامَلَةِ، إِضافَةً إلى أَطْرافٍ أُخْرى سَأُفْصِحُ عنهم في ثَنايا هذا البَحْثِ.

وَحِينَ النَّظَرِ إلى البُنوكِ المعاصِرَةِ نَجِدُ أنَّها تطْلَقُ على هذه المعاملةِ أَسْماء خاصَّة بِها، تَخْتَلِفُ بِاخْتِلافِ البُنوكِ، فَالبَنْكُ العَرَبِىُّ الوَطَنيُّ يُطْلِقُ على هذه المعاملةِ بـ (التَّوَرُّق المبارَك)، والبَنْكُ الأَهْلِيُّ يُطْلِقُ عليها اسْمَ (تَيْسير الأَهْلِيّ)، وَالبَنْكُ السُّعودِيُّ الأَمْريكِيُّ يُطْلِقُ عليها اسْمَ (تَوَرُّق الخَيْر)، والبَنْكُ السُّعودِيُّ البَريطانيُّ يُطْلِقُ عليها اسْمَ (مال) (١)، وهذه البُنوكُ -التي ذَكرْتُها على سَبيلِ التَّمْثيلِ لا الحَصرِ- لَدَيْها اسْتِعْدادٌ لِتَغْييرِ مُسَمَّى هذه المعاملةِ في مُسْتَقْبَلِ الأَيامِ،

فَالعَصْرُ الذي نَعِيشُهُ هو عَصْرُ التَجَدُّدِ والتَّحْديثِ، فقد يأتي زَمانٌ تَتَجَدَّدُ فيه هذه المسَمّياتُ، بَينما نَفْسُ المعاملةِ لم يَطْرَأْ عَليها أيُّ تَغْييرٍ، فَالكلامُ في هذا البَحْثِ يَنْطَبِقُ على المعاملةِ نَفْسِها بِغَضِّ النَّظَرِ عن مُسَمّياتِها؛ لأنِّي كما ذكرتُ أنَّ الأسْماءَ قابِلَة لِلتَّغْييرِ وَالتَّحْديثِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: تَعْريفُ التَّوَرُّقِ المصْرفيّ اصْطلاحًا:

التَّوَرُّقُ المصْرفيُّ مُعامَلَةْ جَديدَةٌ ظَهَرَتْ في الآوِنَةِ الأَخيرَةِ، وتُعْتَبُر صِيغةً مِنْ صِيَغِ التَّمْويلِ التي طَرَحَتْها البُنوكُ، وقدْ تَلَقَّتْها وسائِلُ الإعْلامِ بِتَرْويجِ الإِعْلاناتِ المخْتلفَةِ عَنْها، والتَوَرُّقُ المصْرفيُ يَخْتلِفُ عنِ التَّوَرُّقِ الذي يُمارسُهُ الأفرادُ، والذي دارَ حولَهُ خِلافٌ بينَ العُلماءِ، ولذلكَ لا يُوجدُ تَعريفٌ لِهذهِ المعاملةِ عندَ الفُقهاءِ القُدامى، وَمنْ خلال الاطِلاعِ على بعضِ المجلّاتِ والبُحوثِ والمنشوراتِ التَّعريفيَّةِ التي تُصْدِرُها البنوكُ في هذا الموضوعِ، لم أَجِدْ تَعريفًا لِلتوَرُّقِ المصْرفيِّ سِوَى تَعريْفَيْن:


(١) انظر: بحث حكم التَّورُّق كما تجريه المصارف في الوقت الحاضر، د. محمد الأمين الضرير (٥).

<<  <   >  >>