للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حُكْمَ التحريم يشملُ جميعَ صُور العِيْنَة التي ذَكَرها الحنفية، وإنما ينطبقُ حُكْم التحريم على الصُّورة، التي فيها عودُ السِّلْعة إلى بائعها الأول، سواء عادتْ إليه مباشرةً كالعِيْنَة الثُّنائية، أو عادت إليه بواسطة مُحلّل، التي هي العِيْنَة الثُّلاثية.

ثانيًا: موقف المالكية من بيع العِيْنَة:

كما ذكرت سابقًا أنَّ المالكية يذكرون بيعَ العِيْنَة تحت بيوعِ الآجال التي ظاهرها الجواز، ولكنها تُؤدِّي إلى المحظور (١)، وهم من أشدِّ المذاهب في مَنْع العِيْنَة، فهم يوجبونَ فَسْخَ مثل هذا البيع ما دامت السِّلْعةُ قائمةً، يقول ابنُ رشد: "فإذا باع الرجلُ سلعةً بثمن إلى أجلٍ، ثمّ ابتاعها منه بأقلّ من ذلك الثّمن نقدًا، فسخت البيعتان جميعًا عند ابنِ الماجشون، وهو الصَّحيحُ في النظر" (٢)، ويقول أيضًا: "أصلُ ما بُنِي عليه هذا الكتاب -يعني: كتابَ بيوع الآجال- الحكم بالذَّرائع، ومذهب مالك -رحمه الله- القضاء بها، والمنع منها، وهي الأشياءُ التي ظاهرها الإباحةُ، ويتوصَّل بها إلى فِعْل المحظور، ومن ذلك البيوعُ التي ظاهرها الصحَّة، وُيتوصَّل بها إلى استباحة الرّبا، وذلك مثل أن يبيعَ الرجلُ سلعةً من رجل بمئة إلى أجلٍ، ثم يبتاعُها بخمسين نقدًا، فيكونان قد توصَّلا بما أظهراه من البيع الصَّحيح إلى سلف خمسين دينارًا في مئة إلى أجل، وذلك حرام، ولا يجوز" (٣).

ويقول القرافيُّ: "إنا نمنعُ أن يكونَ العقدُ الثاني من البائع الأول" (٤) وذكر الدسوقي أن شُروطَ بيوع الآجال المتطرق إليها التُّهمة خمسة، وذكر منها "أن


(١) انظر: الشرح الصغير على أقرب المسالك لأحمد الدردير (٣/ ١١٦) وانظر: المقدمات الممهدات. لابن رشد القرطبي (٢/ ٥٢٤).
(٢) المقدمات الممهدات لابن رشد القرطبي (٢/ ٥٣٥).
(٣) المرجع السابق (٢/ ٥٢٤).
(٤) الفروق (٣/ ١٠٥٦).

<<  <   >  >>