للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النوع من المعاملات، إضافةً إلى ذِكْرِ بعض الشبه التي تمسك بها من يجيز التَّورُّق المصرفي، ومناقشتها.

المسألة الأولى: الأمور الدالة على تحريم التَّورُّق المصرفي:

الأمر الأول: أن التَّورُّق المصرفي يدخلُ في بيع العِيْنَة، الذي حرَّمه جمهور الفقهاء؛ لأنَّ العميل (المُتَوَرِّق) لم يذهب إلى البنك إلا رغبة منه في الحصول على نقود، وبذلك نعرفُ أن العميلَ لا يريدُ أن يتحمل تكاليف قبض السِّلعة، ونقلها، وحيازتها، بل يريد التخلص من السِّلعة، وحيث إنه لا يجوزُ بيع السِّلعة على البنك؛ لأنه عينة محرَّمة، فلا سبيل للتخلص من السِّلعة إلا بطريق توكيل البنك في بيعها، "فلولا وكالة المصرف بالبيع نقدًا لما قبل العميل بالشراء منه بأجل ابتداء، فالمصرف يعلن للملأ أنَّه يقدِّم تمويلًا نقديًا على أسس إسلامية، وهذا يعني أن المصرف يلتزمُ بالوكالة بالبيع النَّقْديّ لإتمام التَّمويل بالنَّقْد، ولو انفصلت الوكالة عن البيع الآجل لانهار البرنامج، ولم يوجد التَّمويل أصلًا. . . فالمصرفُ هو مصدرُ السُّيُولة في العملية، وبدون السُّيُولة لا فائدة من العملية من أساسها، وهذا هو نفس الدَّوْرِ الذي يقوم به المشتري الثاني في بيع العِيْنَة؛ لأنه بشرائه نقدًا يكون قد وفر السُّيُولة للعميل، فمن حيث الواقع لا فَرقَ بين كون المصرف وكيلاً وكونه مشتريًا؛ لأنَّ التَّمويل متحقّق على كُلِّ تقدير، والعبرة في العُقُود، والتصرفات للمقاصد والمعاني، لا للألفاظ والمباني" (١)

وبهذا نعرفُ أن البنك هو الذي يبيع السِّلعة للمتورق بالأجل، وهو الذي يتولى بيعها نقدًا، فلا فَرْقَ بين هذا وما لو اشتراها البنك لنفسه، فالبنك إذًا يتولى كل شيء ليحقّق السُّيُولة للعميل (المُتَوَرِّق)، وهذا الدور هو نفس دور


(١) التَّورُّق المنظم -قراءة نقدية. سامي السويلم (٩).

<<  <   >  >>