للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التوكيل، فالعميلُ لم يذهب إلى البنك إلا رغبة منه في الحصول على نقود، وبذلك نعرفُ أن العميلَ لا يريدُ أن يتحمل تكاليفَ قبض السِّلعة، ونقلها، وحيازتها، ولا يريدُ أن يقحم نفسه بسوق الأسهم لجهله بها، بل يريد التخلصَ من السِّلعة والأسهم، وحيث إنه لا يجوزُ بيع السِّلعة أو الأسهم على البنك؛ لأنَّ هذا عينة محرمة، فلا سبيلَ للتخلص منها إلا بطريق توكيل البنك في بيعها، "وليس صعبًا أن نستنتجَ مقدمًا ماذا سيكون مآل هذا الاتجاه، إنه مزيدٌ من تخفيض دور السِّلع في التَّمويل، ومزيد من الإغراق في الديون، والتوسُّع في تداولها، وهي نفس الملامح والخصائص التي يتَّسمُ بها النظام الربوي، ويرافق ذلك بطبيعة الحال ترسيخ مفهوم النَّقْد الحاضر بالنَّقْد المؤجَّل" (١).

فالتوكيل في حقيقته جزء من الحيلة المبتكرة لتحليل الرِّبا، فعمليةُ التَّورُّق المصرفي باستخدام الأسهم تقومُ على عقود، هي في حقيقتها حيل لاستحلال الرِّبا، ويؤيد هذا الفقرة التالية.

٣ - من المعلوم أن اقتصادَ البلد لا يكونُ منتجًا إلا بوجود الحركة الحقيقية في السُّوق بتداول السِّلع، وهذا الأمرُ يكون معدومًا في عملية التَّورُّق المصرفي باستخدام الأسهم، إذ هي في الحقيقة تحصيلُ نقد مقابل زيادة في الذمة، واتخذت صورة البيع والشراء بالأسهم حيلة لذلك، وإذا ثبت أن عملية التَّورُّق باستخدام الأسهم هي من قبيل التَّحايل على الرِّبا، فإن العلماء -رحمهم الله- قد ذهبوا إلى أن ارتكاب الحيلة أشدّ إثمًا من ارتكاب المحرم مباشرة، وسيأتي توضيحُ هذا الأمر في المبحث القادم.

[الفرع الثاني: التكييف الفقهي للتمويل باستخدام الأسهم (برنامج وطني)]

إذا تأمَّلْنا إجراءات برنامج (وطني) لتقسيط الأسهم الذي طرحته شركة


(١) التَّورُّق والتَّورُّق المنظم. سامي السويلم (٥٩).

<<  <   >  >>