للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الثانية: أوجه التشابه بين التَّوَرُّق والعِينَة:

عَرَفْنا في الْمَسْأَلَة السَّابقة أن جُمْهورَ الفقهاء يدرجُونَ التَّوَرُّق ضمن صُوَرِ العِيْنَة، ولعل السبب الذي جَعَلَهم يذكرون التَّوَرُّق ضمن صُورِ العِيْنَة أنهم نَظَروا إلى أن التَّوَرُّق يشاركُ العِيْنَة في بعضِ الأمورِ، التي يمكنُ أن أطلقَ عليها أوجهَ الشَّبه بين التَّوَرُّق والعِيْنَة، وهي كالتالي:

١ - أن كلًا من التَّوَرُّقِ والعِيْنَة جعلَ حيلة لتجنبِ الوقوع في الرِّبا.

٢ - أن البائعَ في بيع التَّوَرُّق والعِيْنَة يبيعُ السلعة بثمن مؤجَّل أكثر من الثمن الحال في السُّوق.

٣ - أنَّ المقصودَ من عقدِ بيعِ التَّوَرُّق والعِيْنَة هو الحصولُ على النقد، لقضاء حاجاته.

٤ - أن الشَّخْصَ لا يلجأ إلى بيع التَّوَرُّقِ والعِيْنَة إلا عند حاجته، واضطراره، ولذلك مَنَعَ البعضُ من التَّوَرُّق لأنه يقعُ من مضطر، وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع المضطر (١).


(١) انظر: سنن أبي داود: كتاب البيوع، باب في بيع المضطر (٣/ ٢٥٥) سنن البيهقي الكبرى. كتاب: البيوع، باب ما جاء في بيع المضطر وبيع المكره (٦/ ١٧)، مصنف ابن أبي شيبة. كتاب البيوع والأقضية، باب في الشراء من المضطر (٤/ ٣٢٧) والحديث فيه راو مجهول، كما في سنده (عن شيخ من بني تميم) قال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى (٣/ ١٣٧): "وإن كان في راويه جهالة فله شاهد من وجه آخر، رواه سعيد، ثم ذكر هذا الوجه، وقال: وهذا الإسناد وإن لم تجب به حُجَّة، فهو يعضد الأول، مع أنه خبر صدق، بل هو من دلائل النبوة، فإن عامة العينة تقع من رجل مضطر إلى نفقة يضنّ عليه الموسر بالقَرْض. . . ولهذا كره العلماء أن يكونَ أكثر بيع الرجل أو عامته نسيئة، لئلا يدخل في اسم العينة، وبيع المضطر".

<<  <   >  >>