فإذا كانت المحصلةُ النهائيةُ نقدًا حاضرًا بزيادة في الذمة فهي ربا، ولا عبرةَ بما توسط ذلك من عقود (١).
وإذا طبَّقنا هذه القاعدة على عملية التَّورُّق المصرفي، فإن السِّلعة تنتقلُ من ملك البنك إلى العميل (المُتَوَرِّق)، ليقومَ العميلُ بتوكيل البنك في بيعها على طرف آخر، فنجد أن السِّلعة قد خرجت من ملك البنك لتدخل في ملك العميل (المُتَوَرِّق)، ثمَّ تخرج من ملكه إلى ملك طرف آخر، وبذلك نعرف أن السِّلعة ليست إلا مجرد لغو بدليل أن العميل (المُتَوَرق) لا يعرفُ ماهية السِّلعة، فهي لغوٌ لا عبرةَ بها، وبذلك تكون محصِّلةُ التَّعامُل بين البنك والعميل (المُتَوَرِّق) نقدًا حاضرًا بيد العميل، مقابل ثمن أكثر منه في ذمته، فالاعتبارُ ليس بما كان لغوًا من تصرُّفات العاقدين، بل الاعتبار بالمحصِّلة النهائية للمعاملة.
وبذلك نعرفُ أن التَّورُّق المصرفي محرَّم عند المالكية، بناءً على الأمور التالية:
١ - قَولُهم بمنع التَّورُّق الفردي إذا كانت هناك قرائن تدلُّ على أن القصد من العملية إقراض عشرة مثلًا باثني عشر، وقد وجدت هذه القرائن بشكل أوضح، وأكثر صراحةً في التَّورُّق المصرفي.
٢ - قَولُهم بتحريم العِيْنَة، وتحريم الحِيَل.
٣ - قَولُهم بقاعدة [سدّ الذرائع].
٤ - قَولُهم بقاعدة [المدخلات، والمخرجات].
ثالثًا: موقف الشافعية من التَّورُّق المصرفي:
عرفنا فيما سبق -من موقف الشافعية من الحِيَل، ومن بيع العِيْنَة- أن الشافعية يرون جوازَ الحِيَل، وجواز بيعِ العِيْنَة، بناء على موقفهم من العُقُود