للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البائعَ بنسيئة يقصدُ الزيادة بالأجل" (١)، يقول ابنُ تيمية: "ولهذا كره العلماءُ أن يكونَ أكثر بيع الرجل أو عامته نسيئة، لئلا يدخلَ في اسم العِيْنَة، وبيع المضطر" (٢). وبذلك نقول: إن التَّورُّق المصرفي يكون محرَّمًا بناءً على كلام الإمام أحمد وابن عقيل؛ لأنَّ المصرفَ لا يبيعُ إلا نسيئة، وبذلك يكون مرجعًا للمحتاجين للنقد، فيشتري المُتَوَرِّق من المصرف نسيئة، ليقومَ العميلُ بتوكيل المصرف في بيعها، فتكون المعاملةُ نقدًا بنقد، أو نقول بعبارة أخرى: إن سَبَبَ المنع من التفرغ للبيع بنسيئة هو منع التَّورُّق من أن يتحوَّل لعملٍ منظم، وعملياتُ التَّورُّق في المصارف اليوم مرتبة، ومنظمة، وفق إجراءات وشروط، ومن تلك الإجراءات: أن المصرف لا يبيعُ السِّلع على عملائه إلا نسيئة، فلما كانت عملياتُ التَّورُّق المصرفي مرتبة، ومنظمة، علمنا أن ذلك الترتيب والتنظيم إنما هو قرينة جلية على تواطؤ العميل المُتَوَرِّق والمصرف على النَّقْد بالنَّقْد.

٣ - عرفنا فيما سبق -في موقف الحنابلة من الحِيَل- أن الحنابلة يمنعون الحِيَل كالمالكية، يقول ابنُ قدامة: "والحِيَلُ كلها محرَّمة، غير جائزة في شيء من الدَّيْن" (٣)، وبناءً على قولهم بمنع الحِيَل يكون التَّورُّق المصرفي محرمًا عند الحنابلة، إذ التَّورُّق المصرفي حيلة لاستحلالِ الرِّبا.

٤ - عرفنا فيما سبق -في موقف الحنابلة من بيع العِيْنَة- أن الحنابلةَ يُحَرِّمون بيع العِيْنَة، وبناءً على قولهم بتحريم العِيْنَة يكون التَّورُّق المصرفي مُحرَّمًا؛ لأنَّ التَّورُّق المصرفي هو عينةٌ في حقيقته.

٥ - عرفنا فيما سبق رأي ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم في التَّورُّق الفردي، فهما يقولان بحرمته؛ لأنَّ المعنى الذي لأجله حُرِّم الربا موجودٌ في التَّورُّق، فإذا كان التَّورُق الفردي بصورته البسيطة العفوية البريئة محرمة عندهما، فالتَّورُّق


(١) المغني لابن قدامة (٤/ ١٢٨).
(٢) الفتاوى الكبرى لابن تيمية (٣/ ١٣٧).
(٣) المغني (٤/ ٥٦).

<<  <   >  >>