للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وخمسين فلا بأس، نصَّ عليه، وهو المذهبُ، وعليه الأصحاب، وهي مسألة التَّورُّق، وعنه: يكره، وعنه: يحرم (١).

وقد أوضح المرداويُّ أن مذهبَ الحنابلة، والذي عليه معظم الأصحاب هو القول بالجواز، ولذلك قال البهوتيُّ: "ولو احتاج إنسان إلى نقد، فاشترى ما يساوي مئة بمئة وخمسين مثلًا، فلا بأسَ بذلك، وهي مسألة التَّورُّق" (٢).

ولكن شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم قد ذهبا إلى مَنْع التَّورُّق، يقول ابنُ القيم -رحمه الله-: "إن عامة العِيْنَة إنما تقعُ من رجلٍ مضطرٍ إلى نفقة يضنُّ بها عليه الموسر بالقَرْض، حتى يربح عليه في المئة ما أحب، وهذا المضطر إن أعاد السِّلعة إلى بائعها فهي العِيْنَة، وإن باعها لغيره فهو التَّورُّق، وإن رجعتْ إلى ثالث يدخل بينهما فهو محلل الرِّبا، والأقسامُ الثلاثةُ يعتمدها المرابون، وأخفها التَّورُّق، وقد كرهه عمرُ بن عبد العزيز، وقال: هو آخية الرِّبا، وعن أحمد، وفيه روايتان. . .

وكان شيخنا -رحمه الله- يمنعُ من مسألة التَّورُّق، وروجع فيها مرارًا وأنا حاضر، فلم يرخص فيها، وقال: المعنى الذي لأجله حُرِّم الربا موجودٌ فيها بعينه، مع


= والتَّورُّق حيلة بلا ريب، وإنما وقع الخلاف: هل هو حيلة جائزة أم ممنوعة، فتكون رواية التحريم مبنية على قوله بمنع الحِيَل التي يعد التَّورُّق من صورها، بينما يمكن حمل رواية الجواز على حالة الضرورة، حينما يضطر الشخص إلى نقود، ولا يجد من يقرضه فيضطر إلى اللجوء لعملية التَّورُّق، وبذلك يزول الاختلاف بين تلك الروايات، والجمع مقدَّم على الترجيح، وأما ترجيح رواية الجواز فهو إهمال لرواية التحريم من جهة، ولأصل مذهب أحمد بن حنبل من جهة أخرى.
انظر: التَّورُّق والتَّورُّق المنظم للدكتور: سامي السويلم ص (٣٠ - ٣١).
(١) الإنصاف (٤/ ٣٣٧).
(٢) كشاف القناع (٣/ ١٨٦).

<<  <   >  >>