للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زيدٌ مدينًا للبنك الأهلي مثلًا بخمسين ألفًا، فيقوم زيد بطلبِ التَّمويل عن طريق التَّورُّق من نفس البنك، فيشتري زيد سِّلعة من البنك بسبعين ألفًا مؤجَّلة، ثمَّ يقومُ بتوكيل البنك في بيعها بخمسين ألفًا حالة، فيحصل زيدٌ على خمسين ألفًا في حسابه، وبعد ذلك تقومُ الجهةُ المسؤولة في البنك عن الديون بسحب الخمسين ألفًا، لتسديد الدَّيْن الذي على زيد، فنلاحظ هنا أنَّه قد نشأ دين جديد عن طريق التَّورُّق على زيد أكثر من الدَّيْن السابق، وهذا هو حقيقة [قلب الدَّيْن على المدين] ومعناه: زيادة الدَّيْن في ذمَة المدين بأي طريقة كانت، فالدَّيْنُ الذي كان على زيد، وهو خمسون ألفًا، قد زاد وصار سبعين ألفًا.

يقول شيخُ الإِسلام ابن تيمية عن قلب الدَّيْن: "وأما إذا حلَّ الدَّيْن، وكان الغريم معسرًا لم يجزْ بإجماع المسلمين أن يقلب بالقلب، لا بمعاملة ولا غيرها" (١). وقلب الدَّيْن على المدين قد أجمع العلماءُ على تحريمه؛ لأنه يعدّ نوعًا من أنواع الرِّبا، وهو كما يسمِّيه العلماءُ بربا الجاهلية الواضح في صورته، وذلك بأن يقولَ الدائنُ للمدين: إما أن تقضي وإما أن تربي، فإن وفَّاه وإلا زاد الدائن في الأجل، وزاد المدينُ في المال، غير أن أكلة الرِّبا يبتكرون حيلًا

لقلب الدَّيْنِ على المدين، فيعمدون إلى معاملات ظاهرها الصحة، وهي في الحقيقة من قلب الدَّيْن على المدين، وتسديد المديونيات في هذه الصُّورة من قبيل التحايل لقلب الدَّيْنِ على المدين.

والغريبُ أن بعضَ الباحثين أقرَّ بأن هذه المعاملة من قبيل قلب الدَّيْن على المديون، غير أنَّه يرى جوازها بالنظر إلى أنَّ المعاملة تخلصه من البنوك الربوية، والبعض يرى جوازها؛ لأنَّ منع قلب الدَيْن على المدين خاص بالمعسر، وإليك بعض كلامهم:


(١) المرجع السابق.

<<  <   >  >>