للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مباحًا حينئذٍ في حقّ المحتاج، وقد جاءت الشَّريعةُ الإسلاميةُ برفع الحرج. يقول تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (١). فيكون جوازُ التَّورُّق للحاجة إليه حالةً استثنائية، وعندما تنعدمُ الحاجةُ يكون مكروهًا.

٢ - ومن الضَّوابط لجواز التَّورُّق: انعدام الاستغلال، فإذا وجد الاستغلال من البائع، كأن يزيد عليه الثمن أكثر ممَّا اعتاد عليه الناس، فبيع التَّورُّق يكون مكروهًا، وتزدادُ الكراهةُ، وتصلُ إلى التَّحريم حينما يشتد الاستغلال.

٣ - أن المحتاج إذا أمكنه الحصولُ على السُّيُولة من الطرق التَّمويلية المشروعة كالقرض، أو السلم، أو الاستصناع، فيكره له الدخولُ في التَّورُّق لوجود البديل الأسلم والأنفع للحركة الاقتصادية، وإذا لم يجدْ ذلك فحينئذ يجوزُ له التَّورُّق.

ومما ينبغي التنبيه عليه: أن حُكْم التَّورُّق قد يختلف في حقّ المتعاقدين، فقد يحرمُ على هذا، ويجوز لذاك، والعكس صحيح، فقد يحرم في حقّ بائع السِّلعة؛ لأنه مثلًا استغلَّ حاجة المُتَوَرِّق، فرفع ثمن السِّلعة أكثر ممَّا هو معتاد، بينما يكونُ جائزًا في حقّ المُتَوَرِّق لحاجته الشديدة إلى النقود، ولو فرضنا عدم الحاجة كان مُحَرّمًا في حقّ البائع، والمُتَوَرِّق.

وكذلك العكس فقد يجوزُ التَّورُّق لبائع السِّلعة دون المُتَوَرِّق، فالبائع مثلًا يبيع بالآجل، كما هي عادته، دون أن يعلمَ بمراد المُتَوَرِّق، وليس للمتَّورُّق حاجةٌ في التَّورُّق، فهنا يجوزُ للبائع بيع سلعته بالآجل؛ لأن البيعَ بالآجل جائزٌ في حَدِّ ذاته، بينما لا يجوزُ التَّورُّق للمتَّورُّق لعدم حاجته.


(١) سورة الحج. آية (٧٨).

<<  <   >  >>