للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بدلالة العرف والعادة، فإذا كان العقدُ الثاني في بيع العِيْنَة مشروطًا في العقد الأول، فإنَّ العقدين باطلان جميعًا، سواء كان وجودُ الشَّرطْ بالنص عليه أثناء العقد الأول، أو كان وجوده بدلالة العادة، والعرف.

وإذا عرفنا أن الشافعية لا يقولون ببيع العِيْنَة إلا بتوفر الشَّرْطين السابقين "فإن التَّورُّق المصرفي لا يدخلُ في بيع العِيْنَة، الذي أجازه الشافعي؛ لأنَّ الشافعي يشترطُ ألا يكون هناك ارتباطٌ بين البيعتين: البيعة التي بالأجل والبيعة التي بالنَّقْد، وألا تظهر نية الحصول على النَّقْد، وكلا الشَّرْطين غيرُ متحقّق في التَّورُّق المصرفي، فالارتباطُ بين البيعتين منصوصٌ عليه في العقد، فالمصرفُ هو الذي يبيعُ السِّلعة نسيئة بأكثر من ثمنها نقدًا، ويشترط (١) على المستَّورُّق أن يُوكله في بيعها نقدًا بأقل مما باعها له به نسيئة ويسلمه الثمن، ويلتزمُ المصرف بهذا، ولولا التزام المصرف ببيع السِّلعة نقدًا، وتسليمه الثمن ما قبل المستورق شراء السِّلعة من المصرف بأكثر من ثمنها نقدًا" (٢).

وأما نيةُ الحصول على النَّقْد فظاهرةٌ كل الظهور، بل هي مصرَّح بها، فمن يرى وسائل الإعلام اليوم يجد الإعلانات عن برامج التَّورُّق المصرفي تُصَرح بالسُّيُولة النَّقْديّة، فالبنكُ الأهليُّ التجاريُّ يقول: تيسير الأهلي أول تمويل نقدي إسلامي، والبنكُ العربيُّ الوطنيُّ يقول: ويستفيد من التَّورُّق المبارك الذين يرغبون في الحصولِ على سيولة نقدية، والبنك السُّعودي الأمريكي يقول:


(١) الحقيقة أن الآليات العملية للتَّورُّق المصرفي تنص على أن المصرف لا يشترط على العملِ المتورق أن يوكله في بيعها، وإنما للعميل الخيار، فله أن يوكل المصرف، وله أن لا يوكله، ولكن الباحث ذكر الاشتراط بناء على العرف، والمعروف عرفًا كالمشروط شرطًا، فالمعروف أن العميل يقوم بتوكيل المصرف في بيع السِّلعة، فصار التوكيل بهذا العرف كالمشروط؛ لأنه لولا التوكيل لما دخل العميل في عملية التَّورُّق المصرفي.
(٢) حكم التَّورُّق كما تجريه المصارف في الوقت الحاضر. الصديق محمَّد الأمين الضرير (٢١).

<<  <   >  >>