الشُّبهة الثالثة: أن التَّورُّق المصرفي يجوزُ بناءً على رأي الشافعي في العِيْنَة والحِيَل، فالشافعي يرى جواز العِيْنَة والحِيَل، فيكون التَّورُّق المصرفي جائزًا.
ويمكن الجواب عن هذه الشُّبهة بالآتي: أن الشافعيَّ أجاز العِيْنَة بضوابط لا توجد في التَّورُّق المصرفي، فالتَّورُّق المصرفي لا يدخلُ في العِيْنَة التي أجازها الشافعي، وقد سبق بَسْطُ هذا الأمر في موقف الشافعية من التَّورُّق المصرفي.
الشُّبهة الرابعة: أن التَّورُّق المصرفي صيغة استثمارية يستفيدُ منها الأشخاص، والمؤسَّسات المالية.
ويمكن الجواب عن هذه الشُّبهة بالآتي: القول بأن التَّورُّق المصرفي صيغة استثمارية يخالف الواقع؛ "لأنَّ القصدَ منه هو الحصول على سيولة، والعمليةُ في ذاتها ليست استثمارًا، والقَولُ بأن المُتَوَرِّق سوف يستخدم النقود في مشروع استثماري بعيد عن الواقع، ولا يستقيم مع المنهج العلمي، فسلسلة العُقُود والاتفاقيات بين المؤسَسات التي تقومُ بهذه العمليات ليست عقودَ استثمار بصيغة شرعية، ولكنها موجهة جميعًا لغرض واحد، هو توفير النقود للمتورق (١).
الشُّبهة الخامسة: أن التَّورُّق المصرفي لا يدخل في العِيْنَة المحرمة؛ لأنَّ العلاقة في بيع العِيْنَة هي علاقة ثنائية، بمعنى: أن العِيْنَة تكونُ بين طرفين فقط، وأما الأطرافُ المشتركة في عملية التَّورُّق المصرفي قد تصل إلى أربعة أطراف كما سبق ذكره، فلا تدخل هذه العمليةُ في بيع العِيْنَة المحرم.
ويمكن الجوابُ عن هذه الشُّبهة بالآتي: لا نسلّم بأن العِيْنَة تكون بين طرفين فقط، فقد ذكرت في صور العِيْنَة أنها قد تكونُ بين ثلاثة أطراف، وهي التي تُسَمَّى بـ (العِيْنَة الثلاثية) لأنها حصلت بين ثلاثة أطراف، وجيء بالثالث
(١) تعليق على بحوث التَّورُّق. حسين حامد حسان (١٠).