للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التَّوَرُّقِ، فقالوا: "أن يأتيَ الرجلُ المحتاجُ إلى آخر، ويَسْتَقْرِضُه عشرةَ دراهم، ولا يرغبُ المقرضُ في الإقراض. . . فيقول: لا أقرضك، ولكن أبيعكَ هذا الثوبَ إن شئتَ باثني عشر درهمًا، وقيمتُه في السُّوقِ بعشرة، ليبيعه في السُّوق بعشرة، فيرضى به المستقرضُ فيبيعه كذلك، فيحصلُ لِرَبِّ الثَّوبِ درهمان، وللمشتري قَرْضُ عشرة" (١).

وقال أَبو يوسف: "العِيْنَة جائزةٌ، مأجورٌ مَنْ عَمِلَ بها" (٢)، وَيُحْمَلُ قَولُه على عَدَمِ عَوْدِ السِّلْعَةِ إلى بائعها الأول، كما سيأتي بيانه.

وأمّا المالِكيةُ فلا يوجَدُ عندَهم ذِكْرٌ لمصْطَلحِ التَّوَرُّقِ صراحة، غيرَ أنَّهمُ اشْترَطوا لِكَراهةِ العِيْنَة أَنْ تُباعَ السِّلْعَةُ إلى البائعِ الأوَّلِ فَخَرَجَ مِن ذلكَ التَّوَرُّق (٣)، إِضافةً إلى أَنَّ البعضَ مِنْهم ذَكَرَ صُورًا للتَّوَرُّقِ مِن غَيرِ أنْ يُطْلِقَ مُصطلحَ التَوَرُّقِ على تِلكَ الصُّوَرِ (٤).

وفُقَهاءُ المالِكيَّةِ يَذكُرونَ بيْعَ العِيْنَة تحتَ بُيُوعِ الآجالِ التي ظاهِرُها الجَوازُ، غيرَ أنَّها تؤدِّي إلى الممْنوعِ (٥)، وَلذلكَ فإنَّ الباحِثَ عن حُكْمِ التَّوَرُّقِ عندَ المالكيةِ، يَجدُهُ تحت كِتاب بُيُوعِ الآجالِ، ولا يجدُهُ صريحًا بِلَفْظِ التَوَرُّقِ،


(١) حاشية ابن عابدين (٥/ ٢٧٣).
(٢) المرجع السابق (٥/ ٢٧٣).
(٣) انظر: حاشية الدسوقي (٣/ ٧٧).
(٤) انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد (٧/ ٨٦، ٩٠) الخرشي على مختصر خليل (٥/ ١٠٦) المقدمات والممهدات، لابن رشد (٢/ ٥٢٤، ٥٢٨) عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس (٢/ ٦٨٩).
(٥) انظر: التاج والإكليل، لابن أبي القاسم العبدري (٤/ ٣٠٣ - ٣٠٨) والشرح الكبير، لأحمد الدردير (٣/ ٧٦).

<<  <   >  >>