للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَيْدٌ يُفيدُ في فَهْمِ التَّوَرُّقِ على نَحوٍ أَفْضَلَ؛ لأَنَهُ يَسْتَحيلُ على الْمُتَوَرِّقِ أَنْ يَبيعَ السِّلْعَةَ نَقْدًا بِنَفْسِ تَكْلِفَتِها بِالأَجَلِ.

وَمِثالُ التَّوَرُّقِ: أَنْ يَأتيَ شَخْصٌ مُحتاجٌ لِلنَّقدِ إلى بائعِ التَّمْرِ، فَيشتري المحتاجُ مِئةَ صاعٍ بِأَلفٍ وَخمسِمئة نَسيئةً، ثمَ يأخُذ المحْتاجُ هذا التَّمْرِ، وَيَبيعهُ على غَيرِ البائعِ بِأَلْفٍ نَقْدًا لِيَحْصلَ بِذلكَ على النُّقودِ. وَقدْ عَرَّفَ مجمعُ الفِقهِ الإِسلامِيّ التَّوَرُّقَ بِقَولِهِ: هو شِراءُ سِلْعَةٍ في حَوْزَةِ البائِعِ وَمُلْكِهِ بِثَمَنٍ مؤجَّل، ثمَّ يَبيعُ المشتَري بِنَقْدٍ لِغَيرِ البائعِ لِلحُصولِ على النَّقْدِ (١).

وقالَ الشَّيخُ عبدُ العزيزِ بنُ باز -رحمه الله-: "أمّا إذا كانَ المشتري اشْتَرى السِّلْعَةَ إلى أَجَلٍ لِيَبيعَها بِنَقْدٍ بِسَببِ حاجَتِهِ إلى النَّقْدِ في قَضاءِ الدَّينِ، أَو لِتَعْميرِ مَسْكَنٍ، أَو لِلتَّزْويجِ. . فَهَذهِ المعامَلَةُ تُسَمَّى عِندَ الفُقهاءِ (التَّوَرُّق)، وَيُسمِّيها بَعضُ العامَّةِ (الوعدة) " (٢).

وبالنَّظَرِ إلى التَّعارِيفِ السَابِقةِ نَسْتنتِجُ أنَّ العَناصِرَ الأَساسِيَّةَ للتَّوَرُّقِ ثَلاثةٌ:

١ - أنْ يَشتريَ الْمُتَوَرِّقُ السِّلْعَةَ نَسيئةً.

٢ - أنْ يَبيعَها نَقْدًا.

٣ - أنْ يَبيعَها على غَيرِ بائِعِها.

وَيتَّضِحُ مما سَبَقَ أنَّ الْمُتَوَرِّقَ اشْتَرى السِّلْعَةَ لَيْسَ لِغَرَضِ المتاجَرَةِ بِها، وتَحْصِيلِ رِبْحٍ، وَلَيْسَ لِغَرَضِ الاسْتِخْدامِ وَالانْتِفاعِ بِها، وَإِنَّما منْ أَجْلِ إِعادَةِ بَيعِ السِّلْعَةِ بِثَمَنٍ أَقَلّ مِن الثَّمَنِ الذي اشْتراها بهِ، والدّافِعُ الأَساسيُّ للدُّخولِ في بَيْعِ


(١) انظر: قرارات المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي في القرار الخامس في الدورة الخامسة عشرة المنعقدة في مكلة المكرمة، ابتداء من يوم السبت ١١/ ٧/ ١٤١٩ هـ (ص ٣٢٠).
(٢) مجموع فتاوى ابن باز (٩٩/ ١٩).

<<  <   >  >>