- السبب الأول: أنَّ التعريفَ الثَّاني لم يذكرْ قيدَ الأجل، بمعنى أن العميلَ حينما يشتري السِّلعة من البنك فإنَّه يشتريها بثمني آجل، والدكتور عبد الله السَّعيدي اقتصر في تعريفه بقوله:"تحصيل النقد بشراء سِلْعة من البنك. . ." ولم ينصَّ على كون الشراءِ يكونُ بالأجل، ولا يخفى أن العنصرَ الأساسيَّ والأهمَّ في عَمَلِيَّةِ التَّوَرُّقِ -سواء كانت مصرفية أم فردية- هو الأجل، وإلا لم تنشأ هذه المعاملةُ أصلًا، بينما نجدُ أن التعريفَ الأوَّلَ قد نصَّ على أن العميلَ يشتري السِّلعةَ من المصرف بثمنٍ آجل، وبهذا القيدِ يتَضحُ المحورُ الأساسيُّ، الذي تقومُ عليها هذه المعاملة.
- السبب الثاني: أنَّ التعريفَ الأوَّلَ قد أثبتَ الطَّرفَ الثالثَ في عَمَلِيَّة التَّوَرُّقِ المصرفي، بمعنى: أنَّ العميلَ بعد شرائه السَّلعة من المصرف بثمن آجل يقوم بتوكيل المصرف ببيعها لطرف آخر، أي: لطرفٍ ثالث، وهذا الطَرفُ تفتقرُ إليه عَمَلِيَةُ التَّوَرُّقِ، فرديةً كانت أم مصرفية، وإلا كانتِ المعاملةُ عينةً محرَّمة، فالدكتور سامي السويلم قد أثبتَ في تعريفه الطَّرَفَ الثَّالثَ، بقوله:". . ثم يُوكِّل العميلُ المصرفَ ببيع السِّلعة نقدًا لطرفٍ آخر. . ." بينما نجدُ تعريف الدكتور
عبد الله السعيدي لم يتطرَّقْ للطرف الثالث، وإنما اكتفى بقوله:"تحصيلُ النَّقد بشراءِ سلعةٍ من البنك، وتوكيله في بيعها" وهذا غير مانع لدخول العينة المحرمة؛ لأنَّ البنكَ لما كان وكيلًا في بيع السِّلعة، فقد يتبادرُ إلى أذهانِ البعضِ
أنه يجوزُ للبنك بيعُها لنفسه، وهذا لا يجوزُ؛ لأنَ البنك إذا باعها لنفسه فإنَّ المعاملة تؤولُ إلى العِيْنَة المحرَّمة.
مِمَّا سبق يتَّضحُ أن التعريف الأول يعطي تصورًا عن المعاملة أكثر من التعريف الثاني لما ذُكِرَ سابقًا، إضافةً إلى أن التعريفَ الأوَّلَ قد ألمح إلى ماهية السِّلع المتداولةِ عند إِجْراء عمليات التَّوَرُّقِ، ولم يذكر ذلك في التَّعريف الثَّاني.