أ- الطرقُ الخفيةُ التي يُتوصَّلُ بها إلى ما هو مُحَرَّم في نفسه، ومقصودُ صاحبها كما يظهر الشَّرُّ والظلمُ كالتَّحيُّل على هلاكِ النفوسِ، وهذه الحِيَل حُكْمُها التَّحريم باتفاقٍ، كما ذكر ابنُ القَيِّم.
ب- الطرقُ الخفيَّةُ التي يُتوصَّل بها إلى ما هو مُحَرَّم في نفسه، ولا يظهرُ أن مقصودَ صاحبِها الشَّر والظلم، بل يظهرُ أن قصده الخير، وهو في الحقيقةِ في باطن نفسه قَصْده الظُّلم والبغي، مثل إقرار المريض بوارثٍ وهو غيرُ وارث، إضرارًا بالورثة، وهذا حُكْمُه التَّحريم باتفاق، كما ذكر ابنُ القيِّم.
ج- ما هو مُباحٌ في نفسه، لكن يتوصَّل به إلى الحرام، كالسَّفر لِقَطْع الطريق وقَتْل الأنفس، فالحيلةُ هنا مُحَرَّمةٌ، حتى ولو كانت الحيلة، جائزةً من حيثُ هي، ولكن لما كانت وسيلةً إلى مُحَرَّم حرمت لكونها توصل إلى مُحَرَّم.
د- وهذا هو محلُّ النِّزاع، والذي جرى حوله خلافٌ بين العلماء: أن يقصدَ المحتالُ حَلَّ ما حَرَّمه الشَّارعُ، أو سقوط ما أوجبه بأن يأتيَ بسببٍ نَصَبَهُ الشَّارعُ سببًا إلى أمرٍ مباحٍ مقصود، فيجعله المحتالُ سببًا إلى أمرٍ مُحَرَّمٍ مقصود اجتنابه، ومثاله: الحِيَل الرَّبويةُ كالعِيْنَة الثنائية والثلاثية، والبعضُ من العلماء عَدَّ التَّوَرُّقَ الفردي والتَوَرُّقَ المصرفي من هذا النَّوع، ولهذا القسمِ أمثلةٌ كثيرةٌ، ولكن اقتصرتْ على ما يتعلَّق بموضوعِ البحث.
وبهذا نعلمُ أن النَّوعَ الرَّابعَ من أنواع القسم الثالث هو محلُّ النِّزاع، وبقية الأقسامِ هي محلُّ اتفاقٍ بين العلماء، كما ذكر ذلك ابنُ القيِّم رحمه الله.