النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في شيء، فقال بعضُهم فيه شيئًا، وقال بعضُهم بخلافه كان أصل ما نذهبُ إليه أنّا نأخذُ بقولِ الذي معه القياس، والذي معه القياس زيد بن أرقم. . . فإنْ قالَ قائلٌ: فمن أين القياس مع قول زيد؟ قلت: أرأيت البيعة الأولى، أليس قد ثبتَ بها عليه الثمن تامًا؟! فإنْ قال: بلى، قيل: أفرأيت البيعة الثانية أهي الأولى؟ فإنْ قال: لا، قيل: أفحرامٌ عليه أن يبيعَ ماله بنقد، وإن كان اشتراه إلى أجل؟ فإنْ قال: لا إذا باعه من غيره، قيل: فمن حرمه منه؟ فإنْ قال: كأنها رجعتْ إليه السِّلْعة، أو اشترى شيئًا دينًا بأقلّ منه نقدًا، قيل: إذا قلت كان لما ليس هو بكائن لم ينبغ لأحد أن يقبلَه منك، أرأيت لو كانت الْمَسْأَلَةُ بحالها، فكان باعها بمئة دينار دينًا، واشتراها بمئة أو بمئتين نقدًا، فإن قال: جائز، قيل: فلا بُدَّ أن تكونَ أخطأت كان، ثم أو ها هنا؛ لأنه لا يجوزُ له أن يشتريَ منه مئة دينار دينًا بمئتي دينار نقدًا، فإن قلت: إنما اشتريت منه السلعة، قيل: فهكذا كان ينبغي أن تقولَ أولا، ولا تقول كان لما ليس هو بكائن، أرأيت البيعة الآخرة بالنقد لو انتقضت، أليس تردُّ السِّلْعَة، ويكونُ الدَّين ثابتًا كما هو، فتعلم أن هذه بيعة غير تلك البيعة، فإن قلتَ: إنَّما اتهمته، قلنا: هو أقلُّ تهمة على ماله منك، فلا تركنْ عليه إن كان خطأ، ثم تحرم عليه ما أحلَّ الله له؛ لأن الله -عز وجل- أحلَّ البيع وحرَّم الرِّبا، وهذا بيعٌ وليس بربا" (١).
وهذا القياسُ الذي ذكره الشَّافعي لا يصحُّ الأخذ به؛ لأن النَّصَّ قد وَرَدَ بتحريم العِيْنَة كما في حديث ابن عمر - رضي الله عنه -، فلا عبرةَ بالقياس مع وُجُودِ النَّصِّ، والشَّافعيُّ -رحمه الله- لجأ إلى بيانِ كون القياس مع زيد لعدم ثبوتِ النَّصِّ عنده، ولو ثبت خبرُ عائشةَ عنده، أو بلغه حديث ابن عمر لجزم بتحريمِ العِيْنَة.
والجديرُ بالذِّكْر أن بعضَ العوامِّ حينما يعلمُ برأي الشَّافعي -رحمه الله- في بيع