مالك يا أعرابي، هل لك في كل دلو بتمرة؟ فقلت: نعم، فافتح الحائط، ففتح لي، فدخلت فجعلت أنزع دلوًا ويعطيني تمرة، حتى إذا ملأت كفي قلت: حسبي منك الآن، فأكلتهن، ثم جرعت في الماء، ثم جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فجلست إليه في المسجد وهو في عصابة من أصحابه فاطلع علينا مصعب بن عمير في بردة له مرقوعة، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذكر ما كان فيه من النعيم، ورأى حاله التي هو فيها، فذرفت عيناه فبكى ثم قال:"كيف أنتم إذا غدا أحدكم في حلة وراح في أخرى، وسترت بيوتكم كما تستر الكعبة" قلنا: نحن يومئذ خير نكفي المؤنة ونتفرغ للعبادة؟ قال:"أنتم اليوم خير منكم يومئذ".
وهكذا أخرجه أبو يعلي في مسنده: حدثنا عبيد الله بن عمر حدثنا وهب به ولفظه: خرجت في غداة شاتية جائعًا قد أوبقني البرد، فأخذت ثوبًا من صوف قد كان عندنا، ثم أدخلته في عنقي وحمزته على صدري أستدفئ به، والله ما في بيتي شيء آكل منه، ولو كان في بيت النبي صلى الله عليه وسلم شيء لبلغني، فخرجت في بعض نواحي المدينة فانطلقت إلى يهودي في حائطه، فاطلعت عليه من ثغرة جداره، فقال: مالك يا أعرابي، هل لك في دلو بتمرة؟ قلت: نعم، افتح لي الحائط، ففتح لي، فدخلت، فجعلت أنزع الدلو، ويعطيني تمرة حتى ملأت كفي، قلت: حسبي منك الآن فأكلتهن، ثم جرعت من الماء، ثم جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلست إليه في المسجد، وهو مع عصابة من أصحابه فطلع علينا مصعب بن عمير في بردة له مرقوعة بفروة، وكان أنعم غلام بمكة، وأرفهه عيشًا، فلما رآه