ولم يثبت لي في ملازمته صلى الله عليه وسلم لإبراز شعره ولا في عدمها شيء، ولكن الظاهر الأول لكثرة من نقل قدر طول شعره بالمشاهدة من الصحابة رضوان الله عليهم، ولم يحفظ كما قال ابن القيم: أنه صلى الله عليه وسلم حلق رأسه إلا في نسك، انتهى، وإذا كان كذلك فحلقه صلى الله عليه وسلم لها أربع مرار، والمباشرون لذلك خراش بن أمية بن ربيعة الخزاعي ومعمر بن عبد الله بن نضلة، وأبو هند الحجام مولى بني بياضة، فمعمر في حجة الوداع، وخراش في الحديبية، وعمرة القضية، وأبو هند في الجعرانة.
وأمر بقسم شعره في بعض المرات بين الناس فكان يخص الواحد الشعرة فأكثر، وذلك مقتض لاستثناء شعره صلى الله عليه وسلم من استحباب دفن ما يزايل ابن آدم من الشعور ونحوها.
قال بعض العلماء: وفي مداومته صلى الله عليه وسلم على إبقاء شعره دليل لأنه أفضل من الحلق لأن ما صنعه في خاصة نفسه أفضل مما اقر الناس عليه ولم ينههم عنه فإنه في خاصة نفسه مواظب على أفضل الأمور وأكملها وأرفعها.
ومن ثم نقل عن غير واحد من الصحابة والتابعين أنه كانت لهم شعور، وقال الإمام أحمد: أحصيت ذلك عن ثلاثة عشر صحابيًا وذكر منهم أبا عبيدة بن الجراح، وعمار بن ياسر والحسن والحسين رضي الله عنهم وكذا كان لابن عمر رضي الله عنهما جمة مفروقة تضرب منكبيه ولابن الزبير رضي الله عنهما جمة مفروقة إلى العنق، ولكل من جابر وابن عباس رضي الله عنهما وللقاسم وابن الحنفية وغيرهما من التابعين كعبيد