للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كالسراج، الحياة ضوؤها، والدم دهنها، والحركة نورها، والشهوة حرارتها، والغضب دخانها" (١)، وهو بذلك يعتبر الروح العنصر الأساسي للكائن البشري، وله ارتباط وثيق بجميع جوانب النفس البشرية، فهو مركز الكيان البشري، والمهيمن الأكبر على حياة الإنسان. وقد بَّين الإمام الغزالي للروح معنيين: أحدهما: "أنه جسم لطيف منبعه تجويف القلب الجسماني، فينشر بواسطة العروق الضوارب إلى سائر أجزاء البدن، وجريانه في البدن وفيضان أنوار الحياة والحس والبصر والسمع والشم منها على أعضائها، يضاهي فيضان النور من السراج الذي يدار في زوايا البيت، فإنه لا ينتهي إلى جزء من البيت إلا ويستنير به، والحياة مثالها النور الحاصل في الحيطان، والروح مثالها السراج، وسريان الروح وحركته في الباطن مثال حركة السراج في جوانب البيت بتحريك محركه" (٢).

وثانيهما: فهو "اللطيفة العالمة المدركة من الإنسان، وهو الذي أراده الله تعالى بقوله:، {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} (٣)، وهو أمر عجيب رباني تعجز أكثر العقول والأفهام عن درك حقيقته" (٤)، والمقصود من وصف ابن الجوزي، "إن الروح في ذاته جوهر لا يتجزأ، له في زجاجة القلب نار كالسراج .. الخ العبارة"، ووصفه الغزالي بأنه جسم لطيف منبعه تجويف القلب الجسماني، فينتشر بواسطة العروق الضوارب إلى سائر أجزاء البدن" ليس إلا الأوكسجين، الذي يتحد مع خضاب الدم (الهيموجلوبين) الموجود في كريات الدم الحمراء وذلك في أثناء دورة الدم في الرئة .. فينفذ إليها الأوكسجين بواسطة الانتشار من الأسناخ (الحويصلات) الهوائية الموجودة في الرئة، عابرًا الحواجز الرقيقة من جدار الحويصلة الهوائية والشعيرات الدموية المنتشرة حول الحويصلة. ثم ينتقل بواسطة الأوردة الرئوية إلى الأذين الأيسر ومنه إلى البطين الأيسر، ومنه إلى


(١) مرجع سابق، ابن الجوزي. كتاب اللطف في الوعظ. ص ٨١.
(٢) مرجع سابق، الغزالي، أبو حامد. إحياء علوم الدين. الجزء الثالث , ص ٤ - ٥.
(٣) سورة الإسراء، الآية ٨٥.
(٤) مرجع السابق، الغزالي، أبو حامد. إحياء علوم الدين. الجزء الثالث , ص ٤ - ٥.

<<  <   >  >>