للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عقلًا". وقد ناقشها الدكتور حسن عبد العال في ضوء بعض كتابات التربويين المسلمين فقال: "وردت في القرآن الكريم الألفاظ التي تدل على النشاط العقلي بصفة عامة، مثل التفكر والتدبُّر والعلم والنظر، والتبصُّر والتذكر. مئات المرات. وفي الحقيقة لا يعرف العلم كائنًا موجودًا بذاته يسمى عقلًا يمكن إجراء التجارب عليه أو ملاحظته (١) " "ولا يقول بأن هناك شيئًا خاصًّا موجودًا تصدر عنه الأعمال التي نسميها في الإنسان أعمالًا عقلية، بل إنه لا يكلف نفسه مؤنة البحث عن هذه الأشياء. والنظر هل هي موجودة أو لا؛ لأن البحث لا يفيده شيئًا، إنما يعترف بوجود أعمال خاصة لها خصائصها ومميزاتها وقوانينها، وليست بأعمال مادية بل هي معنوية تصحبها أو تتبعها أعمال أو آثار جثمانية، فمجموع هذه الأعمال المعنوية يسمى عقلًا" (٢).

الجانب الرابع

يبين ابن الجوزي في الصفة الرابعة "أن منتهى قوته الغريزية أن تقمع الشهوة الداعية إلى اللذة العاجلة"، فهنا يوضح أن من أعلى وظائف العقل البشري الذي يفترق به الإنسان عن الحيوان، أن يضبط ويوجه دوافع الإِنسان الفطرية -التي يشترك فيها مع الحيوان- نحو غايات سامية، بدون كبت بغيض أو إطلاق يدمر كيان الإنسان، فيتعامل مع المنهج التربوي الإسلامي الذي في ضوئه يتربى الإنسان على أن يأخذ الكائن البشري بواقعه الذي هو عليه. يعرف حدود طاقاته ويعرف مطالبه وضروراته، ويقدر هذه وتلك: كما في قول الله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (٣). وقوله: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (٤)، ويعرف ضعفه إزاء المغريات {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ


(١) مرجع سابق، عبد العال، د. حسن. مقدمة في فلسفة التربية الإسلامية. ص ١١٥.
(٢) عبدا القادر، حامد والأبراشي، محمد، عطية وآخرون. في علم النفس. القاهرة، دار المعرفة للطبع والنشر، طبعة عام ١٣٥١ هـ - ١٩٣٢ الجزء الأول، ص ٤٩.
(٣) سورة البقرة، الآية ٢٨٦.
(٤) سورة التغابن، الآية ١٦.

<<  <   >  >>