للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستحالة المستحيلات وقد فضل هذا المعنى بقوله أيضًا: "إن الله -عز وجل- وضع في النفوس أشياء لا تحتاج إلى دليل. فالنفوس تعلمها ضرورة، وأكثر الخلق لا يحسنون التعبير عنها. فإنه وضع في النفس أن المصنوع لابد له من صانع، وأن المبنى لابد له من بانٍ، وأن الاثنين أكثر من الواحد، وأن الجسم الواحد لا يكون في مكانين في حالة واحدة" (١).

ويؤكد على هذا المعنى د. مقداد يالجن بقوله: "ولهذا نجد الإِسلام يركز على مثل هذه الاستدلالات في تثبيت العقيدة لأنه جاء للناس كافة وليس لمجموعة من المتخصصين {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (٢).

ومن ثم كان لابد من أن يعتمد في الاستدلال على مبادئ مناسبة للناس كافة وهذا ما فعله، فاستخدم مثلًا: دلالة الصنعة على الصانع لإثبات وجود الله إذ ليس من الضروري أن نرى الصانع لإثبات الصنعة، لكن وجود الصنعة تجعلنا نعترف بالضرورة بوجود الصانع، بل نضطر إلى ذلك اضطرارًا، ولهذا دعا الله سبحانه الناس إلى التأمل في آيات الله في الكون وفي الأرض وفي السماء وفي أنفسهم لما في تلك المخلوقات من دلالة الصنعة التي تدل على وجود صانعها. . . ." (٣).

وقد اعتمد المنهج الإِسلامي على "الأدلة البديهية القائمة على التفكير الفطري لأنها تتلاءم مع معظم المستويات من التفكير، ولأن هذه الاستدلالات البديهية لا تثير الشك وتؤدي إلى اليقين" (٤).

الجانب الثالث

ويتمثل في قدرة الإنسان على تعلم العلوم والتعمق فيها. وقد وصف ابن الجوزي العقل بأنه: "علوم تستفاد من التجارب تسمى


(١) مرجع سابق، ابن الجوزي. صيد الخاطر. ص ٢٤٩.
(٢) سورة سبأ، الآية ٢٨.
(٣) مرجع سابق، يالجن، د. مقداد. جوانب التربية الإسلامية الأساسية. ص ١٥٨ - ١٥٩.
(٤) المرجع السابق، ص ١٥٨.

<<  <   >  >>