للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجانب الأول

من خلال تحليلنا للنص السابق، سنوضح أهم المميزات التي يتصف بها الإنسان، وهي موجودة فيه من أصل خلقه، ففي قوله في وصف العقل: "الوصف الذي يفارق به الإنسان البهائم وهو الذي به استعد لقبول العلوم النظرية وتدبير الصناعات الخفية الفكرية، وهو الذي أراده من قال: هو غريزة وكأنه نور يقذف في القلب يستعدّ به لإدراك الأشياء". والمقصود هنا تميز الإنسان بالعقل البشري المميز والمدرك فنرى أن الله سبحانه وتعالى خلق آدم "من أجزاء مختلفة وقوى متباينة مستعدًّا لإدراك أنواع المدركات من المعقولات والمحسوسات والمتخيلات والموهومات وألهمه معرفة ذوات الأشياء وأسمائها وخواصها ومعارفها وأصول العلم وقوانين الصناعات، وتفاصيل آلاتها وكيفيات استعمالاتها" (١)، وبغير هذا الاستعداد الإدراكي الفطري الموجود ما كان في مقدور الإنسان أن يتعلم ويدرك، وهو استعداد عام في جميع الكائنات البشرية، وهذا الاستعداد هو نفسه الذي ميز الإنسان عن الملائكة {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٣١) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٣٢) قَالَ يَاآدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} (٢).

ويعتبر العقل "قوة مدركة فطرية في الإنسان، وأنه يستعمل لثلاثة معان الأول: الإدراك، والثاني: العمل بمقتضى الإدراك وهو العقل العملي أو الحكمة. والثالث: التعقل القلبي" (٣).

الجانب الثاني

مما يتميز به الإنسان عن الحيوان هو الإدراك البَدَهي الذي عبر عنه ابن الجوزي بقوله: "ما وضع في الطباع من العلم بجواز الجائزات


(١) العمادي، أبو السعود، محمد بن محمد. تفسير أبي السعود. بيروت، دار إحياء التراث العربي، دون طبعة تاريخ، الجزء الأول , ص ٨٤.
(٢) سورة البقرة، الآيات ٣١ - ٣٣.
(٣) مرجع سابق، يالجن، د. مقداد .. جوانب التربية الإسلامية الأساسية. ص ٨٨.

<<  <   >  >>