للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في هذا الشأن ولكن الباحثة وضحته لمعرفة القارئ به، فينبغي أن يدرك الإنسان ان المال مال الله لقوله تعالى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} (١). وأنه مستخلف فيه للإنفاق في الوجوه المشروعة لقول الله تعالى: {وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} (٢)، وأهم هذه الوجوه هي كما وردت في قول الله تعالى: {قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} (٣) وقوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ} (٤) إلى غير ذلك من الآيات القرآنية الكريمة التي توضح وجوه الإنفاق المشروعة. وإذا أدرك الإنسان هذه المعاني الأصيلة فإنه يسلم من داء الشح والبخل وإهلاك النفس والوَقت، ويكسب حياته في الدنيا والآخرة.

وهذا ما قصده ابن الجوزي في قوله: "وهذا المرض ينبغي أن يداوى بتلمح المقصود من المال، والموازنة بين حصوله وبين المخاطرة بأنفس نفيس وهي النفس والوقت، فمن شاور عقله فهم المراد، ومن غلبه مرض الحرص هلك في بيداء الشره، ولا وارث له إلا المطية والرحل" (٥). ثم بيَّن أيضًا أن النفس البشرية بين بخل وتبذير، وكلاهما شر على الإنسان، فالبخل كما عرفه ابن الجوزي هو إنما يقع "على مانع الحق الواجب، قال ابن عمر من أدى الزكاة فليس ببخيل، ثم يقال لمن منع ما لا يضره ولا يكاد يؤثر فيه مما ينتفع به الناس بخيل" (٦) لقول الله تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (٧).

والبخل صفة مذمومة في النفس البشرية، لأنها تحرم صاحبها من


(١) سورة النور، الآية ٣٣.
(٢) سورة الحديد، الآية ٧.
(٣) سورة البقرة، الآية ٢١٥.
(٤) سورة التوبة، الآية ٦٠.
(٥) مرجع سابق، ابن الجوزي. اللطائف والطب الروحاني. ص ١٠٠.
(٦) المرجع السابق، ص ١٠٢.
(٧) سورة آل عمران، الآية ١٨٠.

<<  <   >  >>