للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المتاع الدنيوي المباح، وتضر دينه بمنع الزكاة والإنفاق في سبيل الله، وتبعده عن حب الناس له. أما إذا اقتصد الإنسان دون إسراف وبخل، وادّخر من بعض ماله للظروف الطارئة والمفاجئة في المستقبل، حتى لا يضطر إلى سؤال الغير، فهذا لا يسمى بخلًا، بل يعتبر من باب الحيطة والحذر المطلوب والمباح للإِنسان فعله، وفي هذا يقول ابن الجوزي: "إن مجرّد الإمساك للمال لا يسمى بخلا، لأن الإنسان قد يمسك فاضل المال لحاجته، ولحوادث دهره، ولأجل عياله وأقاربه، وهذا كله من باب الحزم، فلا يذم" (١).

علاج البخل في نظر ابن الجوزي:

قد وصف ابن الجوزي علاجًا لمرض البخل، وهذا العلاج التربوي لا يخرج عن الإطار الإسلامي المستمد من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة وإن لم يستشهد بها ابن الجوزي في علاجه، وسوف تجمل الباحثة هذا العلاج في نقاط ثم تفصل فيه مستشهدة بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية المناسبة -في حدود ما اطلعت عليه- ويتمثل العلاج في النقاط الآتية:

١ - : قال ابن الجوزي: "علاج البخل أن يتفكر، فيرى أن فقراء بني آدم إخوانه، وقد أوثر عليهم وأحوِجوا إليه، فليجعل شكر المنعم مواساة الإخوان" (٢).

ومن هنا لابد أن يعلم الإنسان البخيل أن أخوته للناس جميعًا أخوة إيمان وإسلام لقول الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (٣). ولهذه الأخوة الإسلامية حقوق وواجبات كثيرة منها ما يتمثل في قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "المسلمُ أخو المسلمِ، لا يظلمُه ولا يُسْلِمُه. من كان في حاجةِ أخيه كان الله في حاجتِه، ومن فرجَ عن مسلم كربة، فرج الله عنه بها كربةَ من كُرَب يومِ القيامةِ، ومن ستَر مسلمًا سترة الله يوم القيامة" (٤).


(١) المرجع السابق، ص ١٠٢.
(٢) المرجع السابق، ص ١٠٣.
(٣) سورة الحجرات، الآية ١٠.
(٤) مرجع سابق، النيسابوري. صحيح مسلم. الجزء الرابع، ص ١٩٩٦، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، الحديث رقم ٢٥٨٠.

<<  <   >  >>