للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - قال ابن الجوزي: "ولينظر في شرف الكرم، وليعلم أنه يسترقُّ الأحرار إذا أسدى إليهم معروفًا، وينهب عرضه الأشرار إذا بخل" (١).

وهنا يرى ابن الجوزي أن على الإنسان البخيل أن يدرك أن للكرم والسخاء فضائل متعددة منها أنه يسترقِّ الأحرار إذا أسدى إليهم معروفًا ويكون قريبًا منهم، حتى أنه يتحول بغضهم حبًا، كما حدث مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندما حكى ابن شهاب قال: "غزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزوة الفتح، فتح مكة. ثم خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمن معه من المسلمين. فاقتتلوا بحنين. فنصر الله دينه والمسلمين. وأعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ صفوان بن أمية مائة من النعم. ثم مائة. ثم مائة.

قال ابن شهاب: حدثني سعيد بن المسيب؛ أن صفوان قال: والله! لقد أعطاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أعطاني، وإنه لأبغض الناس إلي. فما برح يعطيني حتى إنه لأحب الناس إلي" (٢).

٣ - قال ابن الجوزي في هذا العلاج: "وليتيقن أنه سيترك ما في يديه ذميمًا، فليخرج منه قبل أن يخرج عنه" (٣). وهذا معناه أن الإنسان البخيل إذا علم مصير ماله الذي جمعه، وأنه سيكون لغيره من الناس بعده، فإنه لا شك سينفقه في سبيل الله، قبل أن يبدده ورثته، وذلك مصداق لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "يقول العبد مالي. مالي، إنما له من ماله ثلاث: ما أكل فأفنى، أو لبس فأبلى، أو أعطى فاقتنى، وما سوى ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس" (٤).

٤ - وهذا العلاج الترهيبي لم يذكره ابن الجوزي، وهو أنه إذا تدبر


(١) مرجع سابق، ابن الجوزي. اللطائف والطب الروحاني. ص ١٠٣.
(٢) مرجع سابق، النيسابوري. صحيح مسلم. الجزء الرابع، ص ١٨٠٦. كتاب الفضائل، باب ما سئل الرسول - صلى الله عليه وسلم - شيئا قط فقال: لا. وكثرة عطائه، حديث رقم ٥٩ - (٢٣١٣).
(٣) مرجع سابق، ابن الجوزي. اللطائف والطب الروحاني. ص ١٠٣.
(٤) مرجع سابق، النيسابوري. صحيح مسلم. الجزء الرابع، ص ٢٢٧٣، كتاب الزهد والرقائق، حديث رقم ٢٩٥٩.

<<  <   >  >>