للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عقاب الله تبارك وتعالى لمن يمنع ماله من إنفاقه في سبيله، فإنه سيتعظ وينفق بسخاء، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٣٤) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} (١).

أما التبذير فهو ضد البخل والمبذَّر هو من فرق وبدّد ماله في غير موضعه، وهو يؤدي إلى الفقر والإفلاس، وإلى خراب النفس والمال والوقت، ويؤدي إلى الكفر بنعم الله تعالى، لذلك قال فيه ابن الجوزي: "التبذير مما يأمر به الهوى وينهى عنه العقل" (٢)، ولذلك وردت الآيات القرآنية محذرة منه، فذكر ابن الجوزي قول الله تعالى: {وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (٢٦) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} (٣).

العلاج:

ولعلاج مرض التبذير رأى ابن الجوزي أن على المرء النظر والتدبر في عاقبة الإسراف وما يجره من فقر وحاجة ومذلة عند سؤال الناس، فقال: "النظر في العواقب، والحذر مما يجوز كونه من الحاجة إلى الناس والفقر فذلك يكف كفَّ التبذير" (٤).

وحتى يكون الإنسان معتدلا في كسبه وإنفاقه، بعيدًا عن البخل والإسراف، حدد ابنَ الجوزي مقدار اكتسابه بطريقة تكفل تأمين حاجاته الضرورية اليومية، وما يمكن أن يحدث من ظروف مفاجئة في مستقبل أيامه، حتى لا يحتاج إلى الناس وبذل عند السؤال، وهذا ما اعتبره ابن الجوزي من كمال العقل وبعد النظر في تدبير المعيشة. قال: "وينبغي للعاقل أن يكتسب أكثر مما يحتاج إليه، ويقتني ما يعلم أنه لو حدثت به حادثة كان في المقتنى عوض عما ذهب، ولو عرض له مانع من الاكتساب قام المقتنى بحاجته بقية عمره، ولو جاءه أولاد أو احتاج إلى


(١) سورة التوبة، الآيتان ٣٤ - ٣٥.
(٢) مرجع سابق، ابن الجوزي. اللطائف والطب الروحاني. ص ١٠٣.
(٣) سورة الإسراء، الآيتان ٢٦ - ٢٧.
(٤) مرجع سابق، ابن الجوزي. اللطائف والطب الروحاني. ص ١٠٣.

<<  <   >  >>