للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شريفة عن فضيلة وأجر من أدى حق أمانة السلطة، إلا أن ابن الجوزي لم يذكرها هنا؛ منها قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن المقسِطين عند الله على منابرَ من نورٍ. عن يمينِ الرحمن -عزّ وجلّ-، وكلتا يديهِ يمينٌ، الذين يعدلون في حكمِهم وأهليهم وما وَلُوا" (١). وهناك عدد من الأحاديث النبوية التي تحث الحاكم على العدل، ولا شك في أننا بحاجة دائمة إلى الإمام العادل لتولي السلطة، والذمُّ المتكرر لا يزيل الحاجة، لذلك فنحن بحاجة إلى التربية الإِسلامية لتربية القيادات الصالحة، لأننا لا نعاني إلا بسبب غياب هذه القيادات الإِسلامية الرشيدة والحكيمة.

جـ - الانفعالات وعلاجها:

قبل أن أتعرض لموضوع الانفعالات عند ابن الجوزي، لابد من توضيح أمرٍ في عرض هذا الموضوع؛ والملاحظ أنه لم يتبع منهجية محددة واضحة في حديثه، فقد تكلم عن الانفعالات بصفة عامة دون تحديد مسماها "الانفعالات" وعند معالجته لموضوع الانفعالات، عالج كل انفعال على حدة، ولكن دون إعطاء تعريف دقيق لمعنى الانفعال خلافًا لما فعل الإمام الغزالي (٢)، وقد وثق معظم كلامه بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية وأقوال الحكماء والعلماء إن وجد، وأيده بقصص من سير الصحابة والسلف الصالح إن لزم الأمر، ثم أنهى موضوعه بالعلاج المناسب، الذي غالبًا ما يكون موافقا لرأي الإِسلام التربوي والنفسي.

وبناء على ذلك ستقوم الباحثة بتعريف معنى الانفعال العام ثم أهم


(١) المرجع السابق، الجزء الثالث، ص ١٤٥٨، كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر، والحث على الرفق بالرعية والنهي عن إدخال المشقة عليهم، حديث رقم (١٨ - ١٨٢٧).
(٢) تعريف الحقد عند ابن الجوزي: "الحقد بقاء أثر القبيح من المحقود في النفس. ولعمري إن العقل يقضي ببقاء أثر القبيح كما يقضي ببقاء أثر الجميل". مرجع سابق، ابن الجوزي. اللطائف والطب الروحاني. ص ١٠٨.
تعريف الحقد عند الإمام الغزالي: "اعلم أن الغضب إذا لزم كظمه لعجز عن التشفي في الحال رجع إلى الباطن واحتقن فيه فصار حقدًا، ومعنى الحقد أن يلزم قلبه استثقاله والبغضة له والنفار عنه وأن يدوم ذلك ويبقى". مرجع سابق، الغزالي. إحياء علوم الدين. الجزء الثالث، ص ١٩٢.

<<  <   >  >>