للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

-عز وجل- القرآن فهو يقوم به آناء الليل والنهار، ورجل آتاه الله مالًا فهو ينفقه في الحق آناء الليل والنهار" (١).

٣ - وعلى الحاسد أن يدرب نفسه الخبيثة على الرضا بقدر الله تعالى والقناعة بما رزقه حتى يطهر قلبه وتصفو نفسه، وإذا لم يستطع فعليه بكتمان حسده حتى يبرأ تمامًا من مرض الحسد، وفي ذلك يقول ابن الجوزي: "فلتكن مجاهدته إمساك لسانه عن ثلبه (٢)، وحبس ما في قلبه" (٣)، لأن ذلك أحفظ لنفسه من التردّي والوقوع في مهاوي المعصية والشرور.

٢ - حقيقة انفعال الحقد ومعالجته:

يعتبر انفعال الحقد من الانفعالات المركبة من الغضب والغيظ، ومعنى الحقد في اللغة: "إمساك العداوة في القلب والتربُّص لفرصتها. والحقد: الضغن" (٤). وهذا المعنى موافق لتعريف الإِمام الغزالي الذي قال فيه: "إن الغضب إذا لزم كظْمُه لعجزٍ عن التشفّيَ في الحال ورجع إلى الباطن واحتقن فيه صار حقدًا، ومعنى الحقد أن يلزم قلبه استثقاله والبغضة له والنفار عنه وأن يدوم ذلك ويبقى. . .، فالحقد ثمرة الغضب" (٥).

وفي المعنى نفسه قال ابن الجوزي في تعريف الحقد: "الحقد بقاء أثر القبيح من المحقود في النفس. ولعمري إن العقل يقضي ببقاء أثر القبيح كما يقضي ببقاء أثر الجميل" (٦).

ويشير ابن الجوزي في تعريفه إلى أن الحقد ثمرة ونتيجة المعاملة


(١) مرجع سابق، ابن الجوزي. اللطائف والطب الروحاني. ص ١٠٨.
(٢) معنى ثلبه: "ثلب: ثلبه يثلبه ثلبًا: لامه وعابه وصرح بالعيب وقال فيه وتنقَّصه. الثلب: شدة اللوم والأخذ باللسان"، مرجع سابق، ابن منظور. لسان العرب. المجلد الأول، ص ٢٤١.
(٣) مرجع سابق، ابن الجوزي. اللطائف والطب الروحاني. ص ١٠٧.
(٤) مرجع سابق، ابن منظور. لسان العرب. المجلد الثالث، ص ١٥٤.
(٥) مرجع سابق، الغزالي. إحياء علوم الدين. الجزء الثالث، ص ١٩٢.
(٦) مرجع سابق، ابن الجوزي. اللطائف والطب الروحاني. ص ١٠٨.

<<  <   >  >>