للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - اجتناب كثرة التعلق بالدنيا ومتاعها:

إن كثرة التعلق بالدنيا ومتاعها يجلب الغم والهم في نفس الإنسان، لذلك عليه بالتخفف من علائق الدنيا وعدم التكالب على متاعها وإنما يأخذ منها بقدر حاجته دون إفراطٍ أو تفريطٍ، وفي حدود المباح. . . وفي ذلك يقول ابن الجوزي: "وينبغي للحازم أن يحترز مما يجلب الغمّ، وجالبه فقد المحبوب، فمن كثرت محبوباته كثر غمه، ومن قللها قلَّ غمه" (١)، وبما أن الإنسان جُبلَ على حب الدنيا والاستمتاع بما فيها من طيبات، فكلما "طال إلفه لما يحبه واستمتاعه به تمكن من قلبه، فإذا فقده أحس من مر التألم في لحظة فقده بما يزيد على لذات دهره المتقدم، وهذا لأن المحبوب ملائم للنفس كالصحة، فلا تجد النفس لذتها إلا عند وجودها، وفقدها مناف لها، ولذلك تألم بالفقد ما لا تفرح بالموجود لأنها ترى وجود المحبوب كالحق الواجب لها" (٢).

٢ - العمل بالإيمان بالقدر:

لابد من ترويض النفس البشرية وتعويدها على الصبر على المباحات، وتقليل المفرحات، وقد وضع ابن الجوزي علاجًا لإزالة الغم والهم الحاصل من فقد المحبوبات للنفس البشرية، فقال: "ينبغي للعاقل تقليل الألفة، فإن اضطر إلى جوالب الغم، فأثمرت الغم، فعلاجه في الأول الإيمان بالقدر وأنه لابد مما قُضي" (٣)، قول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} (٤)، وأنه تعالى جلت قدرته حكم: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} (٥).

٣ - معرفة حقيقة الدنيا والهدف من وجوده فيها:

إذا آمن الإنسان بالقدر واستيقنته نفسه، فعليه أن يعلم حقيقة الدنيا حتى تهون عليه فإنها "موضوعة على الكدر، فالبناء إلى النقض، والجمع


(١) مرجع سابق، ابن الجوزي. اللطائف والطب الروحاني. ص ١١٩.
(٢) المرجع السابق، ص ١١٩.
(٣) المرجع السابق، ص ١٢٠.
(٤) سورة الطلاق، الآية ٣.
(٥) سورة الفرقان، الآية ٢.

<<  <   >  >>