للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واحدة لا مرات. ويكون صرف الفكر ربحًا، وليعلم أن الله تعالى قادر على تهوينه إذا شاء، وليوقن بأن ما بعده أخوف منه، لأن الموت قنطرة إلى منزل إقامة، وإنما ينبغى للإنسان أن يكثر من ذكر الموت ليعمل له، لا لنفس تصويره وتمثيله" (١).

٢ - الثبات والصبر عند نزول الموت وما يجب على الإنسان فعله:

فإذا تدبر في حقيقة الموت وأهمية العمل له، ثم نزل به الموت، فعليه بالثبات والصبر والسداد، لأنها "ساعة تحتاج إلى معاناةٍ صعبةٍ، لأن صورتها ألم محض، وفراق المحبوبات، ثم ينضم إلى ذلك هول السكرات، والخوف من المآل، ويأتي الشيطان فيسخط العبد على ربه ويقول: انظر في أي شيء ألقاك، وما الذي قضى عليك به، وكيف يؤلمك، وها أنت تفارق ولدك وأهلك وتُلقَى بين أطباق الثرى، فربما أسخطه على ربه وكرّه قضاء الله تعالى إليه، وأنطقه بكلامٍ يتضمن نوع اعتراض، وربما حسَّن إليه الجور في الوصية، وأن يزوي لبعض الورثة، إلى غير ذلك من المحن، فتتعيَّن حينئذ الحاجة إلى معالجة إبليس ومعالجة النفس" (٢). وهنا يلفت ابن الجوزي النظر إلى أهمية الخوف ساعة نزول الموت ساعة الاحتضار، والاستعداد لمواجهته بمعالجة النفس البشرية ومحاربة الشيطان وكيده، فينبغي معالجة النفس البشرية قبل الموت وذلك بتحري مرضاة الله تعالى في جميع أقواله وأفعاله الظاهرة والباطنة، واتباع شرعه وتطبيقه سنَّة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وليضع في حسبانه -كما ذكر ابن الجوزي-: "أن من حفظ الله في صحته حفظ الله في مرضه، ومن راقب الله في خطراته حرسه الله عند حركات جوارحه" (٣)، وقد استشهد ابن الجوزي بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "احفظ اللهَ تجده تجاهك، تعرّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة" (٤). ثم ذكر ابن الجوزي كيفية علاج النفس عند الاحتضار فقال: "فينبغي أن تشجع النفس وتقول لها: إنما هي ساعة ثم


(١) مرجع سابق، ابن الجوزي. اللطائف والطب الروحاني. ص ١٢١ - ١٢٢.
(٢) المرجع السابق، ص ١٢٢.
(٣) المرجع السابق، ص ١٢٣.
(٤) المرجع السابق، ص ١٢٣.

<<  <   >  >>