للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعمومًا فإن الخوف المطلوب هو الذي يربِّي النَّفس البشرية على كف الجوارح عن المعاصي والآثام، وتقييدها بالطاعات، وهذا الخوف هو الذى يجعل الإنسان مجاهدًا لنفسه ضابطًا لشهواته، متحكمًا في دوافعهِ بطريقة ترضي الله تعالى، فينال ثوابه الجزيل، قال الله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} (١).

وحتى يتمكن الإنسان من مجاهدة نفسه، وضبط دوافعه، وكف جوارحه من خلال خوفه من الله تعالى، فقد حدد الفقيه السمرقندي سبعة أمور لعلاج الخوف إلا من الله -عز وجل-، تتلخص في الآتي:

الأول: "يتبيَّن في لسانه، فيمتنع لسانه من الكذب والغيبة وكلام الفضول، ويجعل لسانه مشغولًا بذكر الله وتلاوة القرآن ومذاكرة العلم.

والثاني: أن يخاف في أمر بطنه، فلا يدخل بطنه إلا طيبًا حلالًا، ويأكل من الحلال مقدار حاجته.

والثالث: أن يخاف في أمر بصره، فلا ينظر إلى الحرام، ولا إلى الدنيا بعين الرغبة وإنما يكون نظره على وجه العبرة.

والرابع: أن يخاف في أمر يده، فلا يمد يده إلى الحرام وإنما يمد يده إلى ما فيه طاعة الله -عز وجل-.

والخامس: أن يخاف في أمر قدميه فلا يمشي في معصية الله.

والسادس: أن يخاف في أمر قلبه، فيخرج منه العداوة والبغضاء وحسد الإخوان، ويدخل فيه النصيحة والشفقة للمسلمين.

والسابع: أن يكون خائفًا في أمر طاعته فيجعل طاعته خالصةً لوجه الله، ويخاف الرياء والنفاق، فإذا فعل ذلك فهو من الذين قال الله فيهم (٢): {وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ} (٣).


(١) سورة النازعات، الآيتان ٤٠ - ٤١.
(٢) السمرقندي، نصر بن محمد بن إبراهيم. تنبيه الغافلين. (تحقيق) الوكيل، عبد العزيز، محمد، جدة، دار الشروق، الطبعة الثالثة، ١٤٠٧ هـ -١٩٨٦ م، الجزء الثاني، ص ٤٢٠ - ٤٢١.
(٣) سورة الزخرف، الآية ٣٥.

<<  <   >  >>