للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا ما يؤكده العلماء اليوم، يقول د. محمد محمود محمد: "وتعتمد العادات في تكونها على الأساليب التربوية التي تتبع مع الطفل في نشأته الأُولى، حيث يسهل تكوين العادات لمرونة الجهاز العصبي طبقًا للمثل القائل بأن التعليم في الصغر كالنقش في الحجر" (١). لذلك أوصى ابن الجوزي المربين ألا يهملوا تأديب الطفل وتربيته في الصغر، حتى لو شكا ثقل التأديب عليه، فاستشهد بقول الشاعر:

"لا تسهُ عن أدب الصغير ... ولو شكا ألَم التعب" (٢)

وتتميز هذه المرحلة باستعداد الطفل لتقبل كل ما يلقى إليه من قيم وسلوكيات وآداب ومعارف، وفي ذلك يقول ابن الجوزي: "فإن قلبه فارغ يقبل ما يلقى إليه" (٣)، وقد حدد العمر الزمني المناسب للتعلم بخمس سنين، فقال: "وإذا جاوز الصبي خمس سنين بان فهمه وحسن اختياره لنفسه" (٤). وليس معنى هذا أن الطفل بعد هذه المرحلة لا يستطيع التعلم، بل يستطيع ولكن بدرجةٍ أصعب ووقت أطول وجهد أكثر، "لأن الكبار لا يسلكون سلوكًا معينًا بناءً على المحاكاة والتقليد غالبًا. إنما يسلكون هذا السلوك ويطبقون المبادئ الخلقية بناء على الاقتناع النظري والعقلي" (٥).

وبما أن هذه المرحلة، مرحلة المرونة والقابلية للتعلم، فيجب على المربين أن يدركوا تمامًا خصائص هذه المرحلة من جميع جوانبها النفسية والعقلية والاجتماعية، وما يتميز به كل طفل عن الآخر، من حيث استعداداته وقدراته وميوله ورغباته، حتى يستطيع المربي أن يوجهه بطريقة سليمة، توظف قدراته وطاقاته في الاتجاه الصحيح. وفي ذلك يقول ابن


(١) مرجع سابق، محمد. علم النفس المعاصر في ضوء الإسلام. مرجع سابق، ص ٢٧٠.
(٢) مرجع سابق، ابن الجوزي. "تنبيه النائم الغمر على مواسم العمر". من كتاب التحفة البهية والطرفة الشهية. ص ٥٨.
(٣) مرجع سابق، ابن الجوزي. اللطائف والطب الروحاني. ص ١٣٤.
(٤) مرجع سابق، ابن الجوزي. "تنبيه النائم الغمر على مواسم العمر". ص ٥٨.
(٥) يالجن، د. مقداد. بناء البيت السعيد فى ضوء الإسلام. الرياض، دار المريخ، طبعة ١٤٠٨ هـ -١٩٨٧ م، ص ١٦٤.

<<  <   >  >>