للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجوزي: إعلم أن الطبيب ينظر إلى سن المعالج، ومكانه، وزمانه، ثم يصف، فكذلك ينبغي أن تكون رياضة كل شخص على قدر حاله" (١). وهذا الرأي المبني على معرفة الفروق الفردية ومراعاتها من الآراء الحكيمة والصائبة لابن الجوزي في المجال التعليمي والتربوي.

كما أكد ابن الجوزي ضرورة معرفة المربي بخصائص نمو الطفل، وذلك لأن "إهمال معرفة استعدادات الطفل المختلفة كثيرًا ما يؤدي، إلى عدم تكيفه لعملية التعلم، أو إلى الإضرار بصحته الجسمية والنفسية" (٢).

وقد أكد ابن الجوزي أهمية التنشئة الاجتماعية للطفل في هذه المرحلة. وما يتبعها من خلق وسلوك قويم يهذب النفس، فقال: "ثم المواظبة على الرياضة أصل عظيم في حق الصبيان، فإن ذلك يفيدهم أن يصير الخير عادة" (٣). وهذا مصداق لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "الخير عادة والشر لجاجة، ومن يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين" (٤).

ثم وضح ابن الجوزي أن تدريب الطفل على النظافة والطهارة، وعلى ممارسة الآداب والفضائل، لابد أن يتم قبل سن الخامسة، حتى تتمكن هذه الآداب والقيم في نفسه منذ نعومة أظفاره، وتصبح جزءًا من شخصيته، وفي هذا يقول: "فينبغي أن يعوِّده النظافة والطهارة منذ الصغر، ويثقفه بالآداب، فإذا بلغ خمس سنين أخذه بحفظ العلم" (٥).

كذلك رأى ابن الجوزي، أنه لابد من المحافظة على شخصية الطفل من التميع أو الذوبان، فرأى أن تتميز شخصية الولد عن البنت في


(١) مرجع سابق، ابن الجوزي. اللطائف والطب الروحاني. ص ١٣٣.
(٢) الغريب، د. رمزية. التعلم. القاهرة، مكتبة الأنجلو المصرية، الطبعة السادسة، ١٩٧٨ م، ص ٤٢.
(٣) مرجع سابق، ابن الجوزي. اللطائف والطب الروحاني. ص ١٣٣.
(٤) ابن ماجه، أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني. سنن ابن ماجه. (حققه ووضع فهارسه بالكمبيوتر) الأعظمي، محمد، مصطفى، الرياض، شركة الطباعة العربية السعودية، الطبعة الثانية، ١٤٠٤ هـ-١٩٨٤ م، الجزء الأول، ص ٤٣، المقدمة، باب فضل العلماء والحث على طلب العلم، حديث رقم ٢٠٩.
(٥) مرجع سابق، ابن الجوزي. الحث على حفظ العلم وذكر كبار الحفاظ. بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، ١٤٠٥ هـ - ١٩٨٥ م، ص ١٧.

<<  <   >  >>