للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللباس، حتى يشب على الرجولة ويكره الميوعة، فقال: "وليلبسه الثياب البيض، فإن طلب (الولد) الملون، قال له: تلك ملابس النساء والمخانيث" (١) وقد استقى ابن الجوزي رأيه في لون لباس الطفل من قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "البسوا من ثيابكم البياض، فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم، وإن خير أكحالكم الأثمد يجلو البصر، وينبت الشعر" (٢).

إن الطفل بحاجة إلى تعلم واكتساب الكثير من الآداب والأخلاقيات، التي يستطيع أن يتعامل بها مع غيره من الأفراد , بعضها متعلق بكيانه النفسي والجسمي لإكسابه القدرة والتحمل لمواجهة مصاعب الحياة، وبعضها الآخر لتهذيب سلوكه والارتقاء بخلقه.

فأما ما يتعلق بكيانه النفسي والجسمي، فقال فيه ابن الجوزي: "ويمنع من كثرة الأكل والنوم، ويعوّد الخشونة في المطعم والمفرش، فإنه أصح لبدنه، ويعالج بالرياضات الجسمانية كالمشي" (٣). وذلك حتى يضمن ابن الجوزي للطفل حياةً معيشية، متعددة الأنماط ما بين رغد العيش، وشظف الحياة وقسوتها، فيستطيع الطفل مواجهة الصعوبات التي تعترضه في حاضر أيامه ومستقبله، والتغلب عليها بما عُود عليه.

أما ما يتعلق بتهذيب خلق الطفل، فقد رأى ابن الجوزي: "أن يحبب إليه الحياء والسخاء" (٤) لأنهما من الصفات الخلقية التي يحبها الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، لما تضمنه من الخير الكثير. لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الحياءُ خيرٌ كلُه" (٥)، كما يحذر الأطفال من الأخلاق السيئة، وعلى رأسها الكذب، الذي يؤدي بصاحبه "إلى ارتكاب المعاصي، قال رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم -:"إن


(١) مرجع سابق، ابن الجوزي. اللطائف والطب الروحاني. ص ١٣٤.
(٢) الأزدي، أبو داود، سليمان بن الأشعث , السجستاني. سنن أبي داود. (تحقيق) عبد الحميد، محمد، محيي الدين، القاهرة، دار إحياء السنة النبوية، دون طبعة وتاريخ، الجزء الرابع، ص ٨، كتاب الطب، باب في الأمر بالكحل، حديث رقم ٣٨٧٨.
(٣) مرجع سابق، ابن الجوزي. اللطائف والطب الروحاني. ص ١٣٤.
(٤) المرجع السابق، ص ١٣٤.
(٥) مرجع سابق، النيسابوري. صحيح مسلم. الجزء الأول، ص ٦٤، كتاب الإيمان، باب بيان عدد شعب الإيمان وأفضلها وأدناها، وفضيلة الحياء، وكونه من الإيمان، حديث رقم ٦١.

<<  <   >  >>