للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وانظر فى سير السلف، وتلمح سير الكاملين في العلم والعمل ولا تقنع بالدون" (١).

وقد بنى ابن الجوزي آراءه في الصحبة على قول الله تعالى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (٢٧) يَاوَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (٢٨) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} (٢). وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - "مثلُ الجليسِ الصالح والسوءِ كحامل المسكِ، ونافخ الكير، فحاملُ المسكِ إما أن يحذيكَ، وإمَا أن تبتاعَ منه، وإما أن تجدَ منه ريَحًا طيبة. ونافخُ الكير إما أن يحرقَ ثيابكَ، وإما أن تجدَ ريحًا خبيثة" (٣).

وهكذا لا تخرج آراء ابن الجوزي عن المنهج التربوي الإسلامي، ولكنها لا تشمل جميع الجوانب التربوية والنفسية والصحيةَ والخلقية والاجتماعية.

جـ - أساليب التربية الإسلامية في نظر ابن الجوزي:

لم يفت ابن الجوزي أن يذكر عددًا من الأساليب التهذيبية، والتقويمية، التي يحتاجها المربي لتعديل السلوك أو اقتلاعه أو غرسه، لأنه أدرك أن الأساليب التربوية المتنوعة "هي أداتنا الوحيدة لتحقيق ما نؤمن به من الأهداف، لذلك ينبغي العناية الكاملة بها، والتدقيق في بحثها واختيارها، إذ الوسيلة الفاسدة تضيع الهدف الصالح وتحيد عن الطريق" (٤). وحتى تؤدي هذه الأساليب دورها في غرس القيم الصالحة، واقتلاع السلوكيات الفاسدة، لابد أن تتناسب وفطرة الإنسان التي فطره الله عليها، وقبل أن يبين ابن الجوزي الأساليب التربوية، بين طبيعة النفس البشرية كما خلقها الله تعالى، وأهمية اختيار الوسيلة المناسبة لتقويم هذه الطبيعة، فقال: "إن الطباع لمَّا خُلقت مائلة إلى حب


(١) مرجع سابق، ابن الجوزي. لفتة الكبد إلى نصيحة الولد. ص ٥٣.
(٢) سورة الفرقان، الآيات ٢٧ - ٢٩.
(٣) مرجع سابق، العسقلاني. فتح الباري بشرح صحيح البخاري. الجزء التاسع، ص ٦٦٠، كتاب الذبائح والصيد، باب المسك، حديث رقم ٥٥٣٤.
(٤) مرجع سابق، قطب، محمد. منهج التربية الإسلامية. الجزء الأول، ص ١٢.

<<  <   >  >>