للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والوصول إلى التنبؤ بالغيب" (١). فخوفًا على عقيدة المسلم، حدد له ابن الجوزي تعلمه بقدر الحاجة إليه، وإن كان علم النجوم في عصر ابن الجوزي يعني التنجيم، فإنه في عصرنا يعني علم الفضاء وهو من العلوم المهمة التي نبغ فيها الغربيون.

أما رأيه في علم الكيمياء -فأعتقد- أنه جَانَبَ الحق والصواب، فعلم الكيمياء يبحث في المعادن بأنواعها، والصناعات المختلفة ومن أهم جوانبه صناعة الأدوية، والمواد العضوية على اختلافها، وجميع هذه المواد خلقها الله تعالى لفائدة الإنسان، وسخر له ما فيها لسد حاجاته، وتيسير أمر معاشه، قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} (٢). بالإضافة إلى أنها من دلائل الإيمان بوجود الله تعالى.

ومن هنا نجد أن نقد ابن الجوزي الشديد لتعلم هذا العلم في غير موضعه.

يعتبر ابن الجوزي من المتعصبين للمذهب الحنبلي، لذلك فرأيه في علم الكلام الفلسفي مطابق لرأي الإمام أحمد بن حنبل الذي قال: "علماء الكلام زنادقة" (٣).

وهناك فرق بين علم الكلام الفلسفي، وعلم التوحيد في إطار القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وعلم التوحيد هو العلم الذي يبحث في أدلة إثبات وجود الله تعالى ذاتًا وصفات دون تأويل أو تحريف، وهذا منهج أهل السنة والجماعة. وهو (أي علم التوحيد) من العلوم الواجب معرفتها والاشتغال بها. لذلك فرأي أبن الجوزي في علم الكلام إذا خالف منهج أهل السنة والجماعة صحيح لا غبار عليه، حفاظًا على عقيدة المسلم.


(١) الدفاع، د. علي، عبد الله. العلوم البحتة في الحضارة العربية والإسلامية. ببروت، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثانية، ١٤٠٣ هـ -١٩٨٣ م، ص ٣٤٨، نقلًا من كتاب. عصر الإسلام الذهبي. للمؤلف علي محمد رضا.
(٢) سورة الحديد، الآية ٢٥.
(٣) لبن، علي. الغزو الفكري في المناهج الدراسية. المنصورة، دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع الطبعة الأولى , ١٤٠٧ هـ - ١٩٨٧ م، ص ٤٦.

<<  <   >  >>