للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هـ - الفروق الفردية بين الأطفال عند ابن الجوزي:

معنى الفروق الفردية: "هي تلك الصفات التي يتميز بها كل إنسان عن غيره من الأفراد، سواء أكانت تلك الصفة جسمية أو عقلية أم مزاجية. أم سلوكية نفسية أو اجتماعية" (١).

وسنذكر أهم الفروق الفردية التي تعرض لها ابن الجوزي.

١ - الفروق الفردية في قدرة الأطفال على التعلم:

يرى ابن الجوزي أن الأطفال يتفاوتون في قدرتهم على التعلم، فالطفل الذكي النبيه يتعلم بسهولة، والطفل الأقل ذكاء يتعلم بصعوبة، وفي هذا يقول ابن الجوزي: "وأمارة فلاح الصبي وفساده تبين من طفولته، فالنجيب (٢) منهم ينتبه بالتعلم، والذي ليس بنجيب لا ينفعه التعلم، كما لا يصير الهجين (٣) بالرياضة نجيبًا" (٤).

والقدرة على التعلم استعداد فطري وراثي، يساعد على التعلم الجيد، إذا وجد العناية والرعاية الكافية، وإذا أهمل تعرضت نجابته للضياع، والتربية لا تستطيع إيجاد شيء من العدم، ولكنها تساعد على نمو ما هو موجود فعلًا، مثل الهجين لا يتحول بالتربية إلى أصيل كريم. وقد عرف بعضهم "أمثال كولفن " الذكاء: بأنه "استعداد الفرد وقدرته على التعلم" (٥). وقد أكد ابن الجوزي هذا المفهوم، ووضح أن الأطفال يتفاوتون في مقدار ذكائهم من خلال قدرتهم على التعلم، متفقًا بذلك مع "كولفن" في تعريفه، فقال ابن الجوزي: "يتفاوت الصبيان بعد ذلك،


(١) الهاشمي، د. عبد الحميد، محمد. الفروق الفردية. بيروت، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثانية، ١٤٠٤ هـ - ١٩٨٤ م، ص ٧.
(٢) النجيب: "من الرجال الكريم الحسيب، ابن الأثير، النجيب: الفاضل من كل حيوان". مرجع سابق، ابن منظور. لسان العرب. المجلد الأول، ص ٧٤٨.
(٣) الهجين: هو "العرب ابن الأَمَة لأنه معيب، قال الأزهري: الهجين من الخيل الذي ولدته برذونة من حصان عربي". مرجع سابق، ابن منظور. لسان العرب. المجلد الثالث عشر، ص ٤٣١.
(٤) مرجع سابق، ابن الجوزي. اللطائف والطب الروحاني. ص ١٣٣.
(٥) مرجع سابق، الهاشمي، د. عبد الحميد. الفروق الفردية. ص ١٢٤.

<<  <   >  >>